{ الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم( 7 )ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم( 8 )وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم( 9 ) } .
الملائكة المقربون حملة العرش ومن حول العرش-وهم أشراف الملائكة وأفضلهم- يقرنون بين تسبيح المولى تقديسا له عن النقائص ، وبين التحميد المقتضى لإثبات الكمال والجلال ، وصفات المدح للكبير المتعال ، المحمود على كل حال ؛ فهم ينزهون الله ويثنون عليه ويقرون بالله أنه لا إله سواه ، ويسألون ربهم-واسع الرحمة والعلم- أن يغفر للذين أقروا بمثل إقرارهم من توحيد الله ، والبراءة من كل معبود سواه ، وأن يحفظهم من حر السعير وسوء المصير .
( وقد روعي التناسب في قوله : { . . ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا . . } . . وفيه أنهم بعد التعظيم لأمر الله يقبلون على الشفقة على خلق الله ولا سيما المؤمنين ، لأن الإيمان جامع لا أجمع منه ، يجذب السماوي إلى الأرضي ، والروحاني إلى العنصري ]{[4052]} .
يا من ربيت وأصلحت ! رحمتك التي وسعت كل شيء تتسع لذنوبهم وخطاياهم ، وعلمك الذي أحاط بكل شيء نافذ إلى جميع أقوالهم وأفعالهم وحركاتهم وسكناتهم ، وخوفهم ورجائهم- وفيه أن الحمد والثناء ينبغي أن يكون مقدما على الدعاء{[4053]}-فاصفح اللهم عن جرم من تاب من الشرك بك من عبادك فرجع إلى توحيدك واتبع أمرك ونهيك ، وأقلع عن العصيان وسلك منهاج القرآن ، ودعوة ثالثة لأهل الإيمان بالله : يا ربنا أدخلهم بساتين الإقامة{[4054]} التي وعدت أهل الإنابة إلى طاعتك أن تكون لهم مستقرا ومقاما ، وأدخل معهم من عمل صالحا من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم [ قال أهل السنة : المراد بمن صلح : أهل الإيمان منهم وإن كانوا ذوي كبائر ؛ ثم ختم الآية بقوله : { إنك أنت العزيز الحكيم } لأنه إن لم يكن غالبا على الكل لم يصح منه وقوع المطلوب كما يراد ، وإن لم يكن حكيما أمكن منه وضع الشيء في غير موضعه[ وحاشا ]{[4055]} .
والقرآن يسوق في آيات أخرى بشرى الله للمتقين بتنعيم آباءهم وذرياتهم وأزواجهم معهم في دار الخلد والكرامة ، وذلك قوله تبارك اسمه-{ أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولوا الألباب . الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق . والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب . والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار . جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب . سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار }{[4056]} . كما جاء الوعد من الله الذي لا يخلف الميعاد : { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم . . }{[4057]} .
ورابعة دعوات الملائكة للمؤمنين ضراعة إلى الله أن يجنبهم ما يسوءهم من العقوبات وعذاب السيئات ؛ ومن تصرف عنه يا ربنا عاقبة سيئاته يوم القيامة فقد رفقت به ولطفت ، فنجيته من عذابك وأدخلته الجنة ، فقد أفلح وربح وأدرك غاية الفوز ، وهذه تشمل طلب الوقاية من عذاب الموقف ، وعذاب الحساب ، وعذاب السؤال .
أليس من سابغ فضل الله علينا وعظيم منته أن ألهم ملائكته الكرام الدعاء لنا ، والمداومة على سؤال الله إمتاعنا وإسعادنا ؟ يدعون للمؤمنين بظهر الغيب ، فهل آن للذين آمنوا أن يُوَادُّوا أحبابهم من أهل الملأ الأعلى وأن يَتَوَلَّوْهم ، بدلا من موالاة العدو المبين إبليس اللعين ، ومن على شاكلته من أبالسة الجن والآدميين ؟ !
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.