الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{رَبَّنَا وَأَدۡخِلۡهُمۡ جَنَّـٰتِ عَدۡنٍ ٱلَّتِي وَعَدتَّهُمۡ وَمَن صَلَحَ مِنۡ ءَابَآئِهِمۡ وَأَزۡوَٰجِهِمۡ وَذُرِّيَّـٰتِهِمۡۚ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (8)

أي : يقولون : { رَبَّنَا } وهذا المضمر يحتمل أن يكون بياناً ليستغفرون مرفوع المحل مثله ، وأن يكون حالاً .

فإن قلت : تعالى الله عن المكان ، فكيف صحّ أن يقال : وسع كل شيء ؟ قلت : الرحمة والعلم هما اللذان وسعا كل شيء في المعنى . والأصل : وسع كل شيء رحمتك وعلمك ، ولكن أزيل الكلام عن أصله بأن أسند الفعل إلى صاحب الرحمة والعلم ، وأخرجا منصوبين على التمييز للإغراق في وصفه بالرحمة والعلم ، كأن ذاته رحمة وعلم واسعان كل شيء .

فإن قلت : قد ذكر الرحمة والعلم فوجب أن يكون ما بعد الفاء مشتملاً على حديثهما جميعاً ، وما ذكر إلاّ الغفران وحده ؟ قلت : معناه فاغفر للذين علمت منهم التوبة واتباع سبيلك . وسبيل الله : سبيل الحق التي نهجها لعباده ودعا إليها { إِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم } أي : الملك الذي لا يغلب ، وأنت مع ملكك وعزتك لا تفعل شيئاً إلاّ بداعي الحكمة وموجب حكمتك أن تفي بوعدك .