معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ} (7)

وعن ابن عباس أيضاً قال : هي اثنتا عشرة خصلة ، ستة في الدنيا وستة في الآخرة . وهي ما ذكره بقوله عز وجل :{ وإذا النفوس زوجت } روى النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن هذه الآية ؟ فقال : يقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح في الجنة ، ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار ، وهذا معنى قول عكرمة . وقال الحسن وقتادة : ألحق كل امرئ بشيعته ، اليهودي باليهودي والنصراني بالنصراني . قال الربيع بن خثيم : يحشر الرجل مع صاحب عمله . وقيل : زوجت النفوس بأعمالها . وقال عطاء ومقاتل : زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين ، وقرنت نفوس الكافرين بالشياطين . وروي عن عكرمة قال : { وإذا النفوس زوجت } ردت الأرواح في الأجساد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ} (7)

{ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ } أي : قرن كل صاحب عمل مع نظيره ، فجمع الأبرار مع الأبرار ، والفجار مع الفجار ، وزوج المؤمنون بالحور العين ، والكافرون بالشياطين ، وهذا كقوله تعالى : { وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا } { وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا } { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ} (7)

وإذا النفوس زوجت قرنت بالأبدان أو كل منها بشكلها أو بكتابها وعملها أو نفوس المؤمنين بالحور ونفوس الكافرين بالشياطين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ} (7)

و «تزويج النفوس » : هو تنويعها ، لأن الأزواج هي الأنواع والمعنى : جعل الكافر مع الكافر والمؤمن مع المؤمن وكل شكل مع شكله ، رواه النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم{[11655]} ، وقاله عمر بن الخطاب وابن عباس ، وقال : هذا نظير قوله تعالى :

{ وكنتم أزواجاً ثلاثة } [ الواقعة : 7 ] وفي الآية على هذا حض على خليل الخبر ، فقد قال عليه السلام : «المرء مع من أحب »{[11656]} ، وقال : «فلينظر أحدكم من يخالل »{[11657]} ، وقال الله تعالى : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين }{[11658]} [ الزخرف : 67 ] ، وقال مقاتل بن سليمان : زوجت نفوس المؤمنين بزوجاتهم من الحور وغيرهن ، وقال عكرمة والضحاك والشعبي : زوجت الأرواح الأجساد ، وقرأ عاصم : «زوجت » غير مدغم{[11659]}


[11655]:أخرج ابن مردويه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (وإذا النفوس زوجت)، قال: (هما الرجلان يعملان العمل يدخلان الجنة والنار). وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، والفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والحاكم وصححه والبيهقي في البعث، وأبو نعيم في الحلية، عن النعمان بن بشير، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سئل عن قوله: (وإذا النفوس زوجت)، قال: يقرن بين الرجل الصالح مع الصالح في الجنة، ويقرن بين الرجل السوء مع السوء في النار، فذلك تزويج الأنفس. وفي رواية لابن أبي حاتم عن النعمان بن بشير: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإذا النفوس زوجت) قال: الضرباء، كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله، وذلك بأن الله عز وجل يقول: (وكنتم أزواجا ثلاثة، فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة، والسابقون السابقون) قال: هو الضرباء.
[11656]:أخرجه البخاري في الأدب، ومسلم في البر، والترمذي في الزهد والدعوات، والدارمي في الرقاق، وأحمد في عشرات من المواضع، ولفظه كما في مسند أحمد (3/104): عن أنس قال: كان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية فيسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء أعرابي فقال: يا رسول الله متى قيام الساعة؟ وأقيمت الصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من صلاته قال: أين السائل عن الساعة؟ قال: أنا يا رسول الله، قال: وما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها من كثير عمل لا صلاة ولا صيام، إلا أني أحب الله ورسوله ،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المرء مع من أحب، قال أنس: فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الإسلام بشيء ما فرحوا به.
[11657]:هذا جزء من حديث أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة ، ولفظه كما ذكره السيوطي في الجامع الصغير: (الرجل على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل). وقد رمز له السيوطي بأنه حديث حسن.
[11658]:من الآية 67 من سورة الزخرف.
[11659]:الذي في الأصول: (زوجت) بدون ضبط، وقد أخذنا الضبط عن البحر المحيط حيث قال: "على فوعلت والمفاعلة تكون بين اثنين".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ} (7)

وقوله تعالى : { وإذا النفوس زوجت } شروع في ذكر الأحوال الحاصلة في الآخرة يوم القيامة وقد انتقل إلى ذكرها لأنها تحصل عقب الستة التي قبلها وابتدىء بأولها وهو تزويج النفوس ، والتزويج : جعل الشيء زوجاً لغيره بعد أن كان كلاهما فرداً ، والتزويج أيضاً : جعل الأشياء أنواعاً متماثلة قال تعالى : { ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين } [ الرعد : 3 ] لأن الزوج يطلق على النوع والصنف من الأشياء والنفوس : جمع نفس ، والنفس يطلق على الروح ، قال تعالى : { يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك } [ الفجر : 27 ، 28 ] وقال : { أخرجوا أنفسكم } [ الأنعام : 93 ] .

وتطلق النفس على ذات الإنسان قال تعالى : { ولا تقتلوا النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق } [ الأنعام : 151 ] وقال : { هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم } [ الجمعة : 2 ] وقال : { فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم } [ النور : 61 ] أي فليسلم الداخل على أمثاله من الناس .

فيجوز أن يكون معنى النفوس هنا الأرواح ، أي تزوج الأرواح بالأجساد المخصصة لها فيصير الروح زَوجاً مع الجسد بعد أن كان فرداً لا جسم له في برزخ الأرواح ، وكانت الأجساد بدون أرواح حين يعاد خلقها ، أي وإذا أعطيت الأرواح للأجساد . وهذا هو البعث وهوالمعنى المتبادر أولاً ، وروي عن عكرمة .

ويجوز أن يكون المعنى وإذا الأشخاص نُوعت وصنفت فجعلت أصنافاً : المؤمنون ، والصالحون ، والكفار ، والفجار ، قال تعالى : { وكنتم أزواجاً ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون } [ الواقعة : 7 10 ] الآية .

ولعل قصد إفادة هذا التركيب لهاذين المعنيين هو مقتضِيَ العدول عن ذكر ما زُوجت النفوس به . وأول منازل البعث اقتران الأرواح بأجسادها ، ثم تقسيم الناس إلى مراتبهم للحشر ، كما قال تعالى : { ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون } [ الزمر : 68 ] ثم قال : { وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً } [ الزمر : 71 ] ثم قال : { وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً } [ الزمر : 73 ] الآية .

وقد ذكروا معاني أخرى لتزويج النفوس في هذه الآية غير مناسبة للسياق .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ} (7)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"وَإذَا النّفُوسُ زُوّجَتْ "اختلف أهل التأويل في تأويله؛

فقال بعضهم: ألحق كلّ إنسان بشكله، وقرن بين الضّرَباء والأمثال... عن عمر رضي الله عنه "وَإذَا النّفُوسُ زُوّجَتْ" قال: هما الرجلان يعملان العمل الواحد يدخلان به الجنة، ويدخلان به النار... وقال: "احْشُرُوا الّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ"، قال: ضرباءهم... عن الحسن، في قوله: "وَإذَا النّفُوسُ زُوّجَتْ" قال: ألحق كلّ أمرئ بشيعته...

وقال آخرون: بل عُنِي بذلك أن الأرواح ردّت إلى الأجساد فزوّجت بها: أي جعلت لها زوجا...

وأولى التأويلين في ذلك بالصحة، الذي تأوّله عمر بن الخطاب رضي الله عنه للعلة التي اعتلّ بها، وذلك قول الله تعالى ذكره: "وكنْتُمْ أزْوَاجا ثَلاثَةً"، وقوله: "احْشُرُوا الّذِينَ ظَلمُوا وأزْوَاجَهُمْ" وذلك لا شكّ الأمثال والأشكال، في الخير والشرّ، وكذلك قوله: "وَإذَا النّفُوسُ زُوّجَتْ" بالقُرَناء والأمثال في الخير والشرّ.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

و «تزويج النفوس»: هو تنويعها، لأن الأزواج هي الأنواع، والمعنى: جعل الكافر مع الكافر، والمؤمن مع المؤمن وكل شكل مع شكله...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

، وهذا كقوله تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا} {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا} {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ}.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

شروع في ذكر الأحوال الحاصلة في الآخرة يوم القيامة وقد انتقل إلى ذكرها لأنها تحصل عقب الستة التي قبلها وابتدئ بأولها وهو تزويج النفوس، والتزويج: جعل الشيء زوجاً لغيره بعد أن كان كلاهما فرداً، والتزويج أيضاً: جعل الأشياء أنواعاً متماثلة قال تعالى: {ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين} [الرعد: 3] لأن الزوج يطلق على النوع والصنف من الأشياء والنفوس: جمع نفس، والنفس يطلق على الروح، قال تعالى: {يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك} [الفجر: 27، 28] وقال: {أخرجوا أنفسكم} [الأنعام: 93]. وتطلق النفس على ذات الإنسان قال تعالى: {ولا تقتلوا النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق} [الأنعام: 151]...

وقال: {فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم} [النور: 61] أي فليسلم الداخل على أمثاله من الناس. فيجوز أن يكون معنى النفوس هنا الأرواح، أي تزوج الأرواح بالأجساد المخصصة لها فيصير الروح زَوجاً مع الجسد بعد أن كان فرداً لا جسم له في برزخ الأرواح، وكانت الأجساد بدون أرواح حين يعاد خلقها، أي وإذا أعطيت الأرواح للأجساد. وهذا هو البعث وهو المعنى المتبادر أولاً، وروي عن عكرمة. ويجوز أن يكون المعنى وإذا الأشخاص نُوعت وصنفت فجعلت أصنافاً: المؤمنون، والصالحون، والكفار، والفجار، قال تعالى: {وكنتم أزواجاً ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون} [الواقعة: 7 10] الآية. ولعل قصد إفادة هذا التركيب لهاذين المعنيين هو مقتضِيَ العدول عن ذكر ما زُوجت النفوس به. وأول منازل البعث اقتران الأرواح بأجسادها، ثم تقسيم الناس إلى مراتبهم للحشر، كما قال تعالى: {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون} [الزمر: 68] ثم قال: {وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً} [الزمر: 71] ثم قال: {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً} [الزمر: 73] الآية. وقد ذكروا معاني أخرى لتزويج النفوس في هذه الآية غير مناسبة للسياق...

الشعراوي-1419هـ:

ما هي النفس؟

النفس: هي كلمة لم يستطع الفلاسفة من قديم أن يحددوا معناها، فتخبطوا فيها، فمرة يقولون: هي الروح، ومرة يقولون كلاماً آخر بعيداً عن معناها، فلم يستطع أن يأتي بتحديد لها إلا القرآن.

فكلمة نفس تطلق على امتزاج الروح بالمادة، فقبل أن يمتزج عنصر الروح بالمادة لا يكون هناك نفس، فالروح وحدها لا تكون نفساً والمادة وحدها لا تكون نفساً... فمدلول النفس: هو امتزاج الروح والجسد معاً.