الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَإِذَا ٱلنُّفُوسُ زُوِّجَتۡ} (7)

قوله تعالى : " وإذا النفوس زوجت " قال النعمان بن بشير : قال النبي صلى الله عليه وسلم " وإذا النفوس زوجت " قال : ( يقرن كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون كعمله ) . وقال عمر بن الخطاب : يقرن الفاجر مع الفاجر ، ويقرن الصالح مع الصالح . وقال ابن عباس : ذلك حين يكون الناس أزواجا ثلاثة ، السابقون زوج - يعني صنفا - وأصحاب اليمين زوج ، وأصحاب الشمال زوج . وعنه أيضا قال : زوجت نفوس المؤمنين بالحور العين ، وقرن الكافر بالشياطين ، وكذلك المنافقون وعنه أيضا : قرن كل شكل بشكله من أهل الجنة وأهل النار ، فيضم المبرز في الطاعة إلى مثله ، والمتوسط إلى مثله ، وأهل المعصية إلى مثله ، فالتزويج أن يقرن الشيء بمثله ، والمعنى : وإذا النفوس قرنت إلى أشكالها في الجنة والنار . وقيل : يضم كل رجل إلى من كان يلزمه من ملك وسلطان ، كما قال تعالى : " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " [ الصافات : 22 ] . وقال عبد الرحمن بن زيد : جعلوا أزواجا على أشباه أعمالهم ليس بتزويج ، أصحاب اليمين زوج ، وأصحاب الشمال زوج ، والسابقون زوج ، وقد قال جل ثناؤه : " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم " [ الصافات : 22 ] أي أشكالهم . وقال عكرمة : " وإذا النفوس زوجت " قرنت الأرواح بالأجساد ، أي ردت إليها . وقال الحسن : ألحق كل امرئ بشيعته : اليهود باليهود ، والنصارى بالنصارى ، والمجوس بالمجوس ، وكل من كان يعبد شيئا من دون الله يلحق بعضهم ببعض ، والمنافقون بالمنافقين ، والمؤمنون بالمؤمنين . وقيل : يقرن الغاوي بمن أغواه من شيطان أو إنسان ، على جهة البغض والعداوة ، ويقرن المطيع بمن دعاه إلى الطاعة من الأنبياء والمؤمنين . وقيل : قرنت النفوس بأعمالها ، فصارت لاختصاصها به كالتزويج .