معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا} (9)

{ قد أفلح من زكاها } وهذا موضع القسم ، أي فازت وسعدت نفس زكاها الله ، أي أصلحها وطهرها من الذنوب ووفقها للطاعة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا} (9)

وقوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا } أي : طهر نفسه من الذنوب ، ونقاها من العيوب ، ورقاها بطاعة الله ، وعلاها بالعلم النافع والعمل الصالح .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا} (9)

قد أفلح من زكاها أنماها بالعلم والعمل جواب القسم وحذف اللام للطول كأنه لما أراد به الحث على تكميل النفس والمبالغة فيه أقسم عليه بما يدلهم على العلم بوجود الصانع ووجوب ذاته وكمال صفاته الذي هو أقصى درجات القوة النظرية ويذكرهم عظائم آلائه ليحملهم على الاستغراق في شكر نعمائه الذي هو منتهى كمالات القوة العملية وقيل هو استطراد بذكر بعض أحوال النفس والجواب محذوف تقديره ليدمدمن الله على كفار مكة لتكذيبهم رسول صلى الله عليه وسلم كما دمدم على ثمود لتكذيبهم صالحا عليه الصلاة والسلام .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا} (9)

وجواب القسم في قوله { قد أفلح } ، التقدير : لقد أفلح ، والفاعل ب «زكى » يحتمل أن يكون الله تعالى ، وقاله ابن عباس وغيره كأنه قال : قد أفلحت الفرقة أو الطائفة التي زكاها الله تعالى ، و { من } : تقع على جمع وإفراد ، ويحتمل أن يكون الفاعل ب «زكى » الإنسان ، وعليه تقع { من } وقاله الحسن وغيره ، كأنه قال : { قد أفلح } من زكى نفسه أي اكتسب الزكاء الذي قد خلقه الله ، و { زكاها } معناه : طهرها ونماها بالخيرات

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا} (9)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله : "قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكّاها" يقول : قد أفلح من زكّى اللّهُ نفسه ، فكّثر تطهيرها من الكفر والمعاصي ، وأصلحها بالصالحات من الأعمال ... عن قتادة "قَدْ أفْلَحَ مَنْ زَكّاها" من عمل خيرا زكّاها بطاعة الله ... وهذا هو موضع القسم ...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{ قد أفلح من زكاها } { وقد خاب من دساها } ....اختلفوا في تأويل الفلاح : قال بعضهم : أفلح أي سعد ، ومنهم من يقول : أي بقي في الخيرات ، والفلاح البقاء ، ومنهم من يقول : أفلح أي فاز ، والمفلح في الجملة ، هو الذي يظفر بما يأمل ، وينجو عما يحذر ، فيدخل في تلك السعادة والبقاء والفوز . وقوله تعالى : { من زكاها } فجائز أن يكون منصرفا إلى الله تعالى ، وجائز أن ينصرف إلى العبد . قال الله تعالى : { ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء } [ النور : 21 ] وقال : { قل بفضل الله وبرحمته } [ يونس : 58 ] فبين الله تعالى أنه هو الذي يفضل بتزكيته من زكا . وجائز أن يكون يصرف إلى العبد قوله تعالى : { زكاها } أي صاحبها . وكذلك قوله تعالى : { وقد خاب من دساها } يحتمل هذين الوجهين ، فيكون الله تعالى ، هو الذي أنشأ فعل الضلال فيكون الفعل من حيث الإنشاء من الله تعالى ومن حيث الفعل من العبد ....

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

وفيه وجهان :

أحدهما : قد افلح من زكى الله نفسه بطاعة الله وصالح الأعمال .

الثاني : قد أفلح من زكى نفسه بطاعة الله وصالح الأعمال .

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{ قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها وَقَدْ خَابَ مَن دساها } فجعله فاعل التزكية ، والتدسية ومتوليهما والتزكية : الإنمار والإعلاء بالتقوى . والتدسية : النقص والإخفاء بالفجور .

فإن قلت : فأين جواب القسم ؟ قلت : هو محذوف تقديره : ليدمدمنّ الله عليهم ، أي : على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحاً . وأما { قَدْ أَفْلَحَ مَن زكاها ( 9 ) } فكلام تابع لقوله : { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ( 8 ) } على سبيل الاستطراد ، وليس من جواب القسم في شيء .

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{ قد أفلح } أي ظفر بجميع المرادات { من زكاها } أي نماها وأصلحها وصفاها تصفية عظيمة بما يسره الله له من العلوم النافعة والأعمال الصالحة وطهرها على ما يسره لمجانبته من مذامّ الأخلاق لأن كلاًّ ميسر لما خلق له ، والدين بني على التحلية والتخلية و " زكى " صالح للمعنيين...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وهناك إلى جانب هذه الاستعدادات الفطرية الكامنة قوة واعية مدركة موجهة في ذات الإنسان . هي التي تناط بها التبعة . فمن استخدم هذه القوة في تزكية نفسه وتطهيرها وتنمية استعداد الخير فيها ، وتغليبه على استعداد الشر . . فقد أفلح .

أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن للشنقيطي 1393 هـ :

واختلف في مرجع الضمير في زكاها ودساها ، وهو يرجع إلى اختلافهم في { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } ، فهل يعود إلى الله تعالى ، كما في { وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا } ، أم يعود على العبد . ويمكن أن يستدل لكل قول ببعض النصوص . فمما يستدل به للقول الأول قوله تعالى : { بَلِ اللَّهُ يُزَكِّى مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً 49 } ، وقوله : { وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً } ، وفي الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول عند هذه الآية : " اللَّهم ائت نفسي تقواها وزكها ، أنت خير من زكاها ، وأنت وليها ومولاها " . ومما استدل به للقول الثاني فقوله : { قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى 14 وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } ، وقوله : { وَمَن تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ } ، وقوله : { فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى 18 وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى } ، وقوله : { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى } ، وكلها كما ترى محتملة ، والإشكال فيها كالإشكال فيما قبلها . والذي يظهر واللَّه تعالى أعلم : أن الجمع بين تلك النصوص كالجمع في التي قبلها ، وأن ما يتزكى به العبد من إيمان وعمل في طاعة وترك لمعصية ، فإنه بفضل من اللَّه ، كما في قوله تعالى المصرح بذلك { وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَداً } . وكل النصوص التي فيها عود الضمير أو إسناد التزكية إلى العبد ، فإنها بفضل من الله ورحمة ، كما تفضل عليه بالهدى والتوفيق للإيمان ، فهو الذي يتفضل عليه بالتوفيق إلى العمل الصالح . وترك المعاصي ، كما في قولك " لا حول ولا قوة إلا باللَّه " وقوله : { فَلاَ تُزَكُّواْ أَنفُسَكُمْ } ، وقوله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ } ، إنما هو بمعنى المدح والثناء ، كما في قوله تعالى : { قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا } ، بل إن في قوله تعالى : { بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً 49 } ، الجمع بين الأمرين ، القدري والشرعي ، { بَلِ اللَّهُ يُزَكّي مَن يَشَاءُ } بفضله ، { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً49 } بعدلة . واللَّه تعالى أعلم ....