البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا} (9)

{ قد أفلح من زكاها } ، قال الزجاج وغيره : هذا جواب القسم ، وحذفت اللام لطول الكلام ، والتقدير : لقد أفلح .

وقيل : الجواب محذوف تقديره لتبعثن .

وقال الزمخشري : تقديره ليدمدمن الله عليهم ، أي على أهل مكة ، لتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحاً .

وأما { قد أفلح من زكاها } فكلام تابع لقوله : { فألهمها فجورها وتقواها } على سبيل الاستطراد ، وليس من جواب القسم في شيء ، انتهى .

وزكاؤها : ظهورها ونماؤها بالعمل الصالح ، ودساها : أخفاها وحقرها بعمل المعاصي .

والظاهر أن فاعل زكى ودسى ضمير يعود على من ، وقاله الحسن وغيره .

ويجوز أن يكون ضمير الله تعالى ، وعاد الضمير مؤنثاً باعتبار المعنى من مراعاة التأنيث .

وفي الحديث ما يشهد لهذا التأويل ، كان عليه السلام إذا قرأ هذه الآية قال : « اللهم آت نفسي تقواها ، وزكها أنت خير من زكاها ، أنت وليها ومولاها » وقال الزمخشري : وأما قول من زعم أن الضمير في زكى ودسى لله تعالى ، وأن تأنيث الراجع إلى من لأنه في معنى النفس ، فمن تعكيس القدرية الذين يوركون على الله قدراً هو بريء منه ومتعال عنه ، ويحيون لياليهم في تمحل فاحشة ينسبونها إليه تعالى ، انتهى .

فجرى على عادته في سب أهل السنة .

هذا ، وقائل ذلك هو بحر العلم عبد الله بن عباس ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : « وزكها أنت خير من زكاها »