معاني القرآن للفراء - الفراء  
{قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا} (9)

وقوله عز وجل : { قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاها } .

يقول : قد أفلحت نفس زكَّاها الله ، وقد خابت نفس دسّاها ، ويقال : قد أفلح من زكّى نفسَه بالطاعة والصدقة ، وقد خاب من دسَّى نفسه ، فأخملها بترك الصدقة والطاعة ، ونرى والله أعلم أنّ دسّاها من : دسّسْت ، بُدّلَت بعض سيناتها ياء ، كما قالوا : تظنيت من : الظن ، وتقضيت يريدون : تقضضتُ من : تقضُّض البازي ، وخرجت أتلعّى : ألتمس اللُّعاع أرعاه . والعرب تبدل في المشدد الحرف منه بالياء والواو من ذلك ما ذكرنا لك ، وسمعت بعض بني عقيل ينشد :

يشبو بها نشجانه [ من النشيج ] *** . . .

هذا آخر بيت ، يريد : يَشُب : يظهر ، يقال : الخمار الأسود يشب لون البيضاء فجعلها واوا ، وقد سمعته في غير ذلك ، ويقال : دويّه وداويّه ، ويقال : أما فلان فصالح وأيما ، ومن ذلك قولهم : دينار أصله دِنّار ، يدل على ذلك جمعهم إياه دنانير ، ولم يقولوا : ديانير ، وديوان كان أصله : دِوّان لجمعهم إياه : دواوين [ 139/ب ] ، وديباج : ديابيج ، وقيراط ، قراريط ، كأنه كان قِرّاط ، ونرى أن دسّاها دسسها ؛ لأن البخيل يخفي منزله وماله ، وأن الآخر يبرز منزله على الأشراف والروابي ، لئلا يستتر عن الضيفان ، ومن أراده ، وكل صواب .