ولما كان ثَمَّ طائفة من الناس ، مستعدة للقيام بصد الداعين إلى اللّه ، من الرسل وأتباعهم ، وهم المنافقون ، الذين أظهروا الموافقة في الإيمان ، وهم كفرة فجرة في الباطن ، والكفار ظاهرًا وباطنًا ، نهى اللّه رسوله عن طاعتهم ، وحذره ذلك فقال : { وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ } أي : في كل أمر يصد عن سبيل اللّه ، ولكن لا يقتضي هذا أذاهم ، [ بل لا تطعهم { وَدَعْ أَذَاهُمْ } ]{[710]} فإن ذلك ، جالب لهم ، وداع إلى قبول الإسلام ، وإلى كف كثير من أذيتهم له ، ولأهله .
{ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } في إتمام أمرك ، وخذلان عدوك ، { وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا } تُوكَلُ إليه الأمور المهمة ، فيقوم بها ، ويسهلها على عبده .
{ ولا تطع الكافرين والمنافقين } تهييج له على ما هو عليه من مخالفتهم . { ودع أذاهم } إيذاءهم إياك ولا تحتفل به ، أو إيذاءك إياهم مجازاة أو مؤاخذة على كفرهم ، ولذلك قيل إنه منسوخ . { وتوكل على الله } فإنه يكفيكهم . { وكفى بالله وكيلا } موكولا إليه الأمر في الأحوال كلها ، ولعله سبحانه وتعالى لما وصفه بخمس صفات قابل كلا منها بخاطب يناسبه ، فحذف مقابل الشاهد وهو الأمر بالمراقبة لان ما بعده كالتفصيل له ، وقابل المبشر بالأمر والسراج المنير بالاكتفاء به فإن من أناره الله برهانا على جميع خلقه كان حقيقا بأن يكتفى به عن غيره .
وقوله تعالى ، { ولا تطع الكافرين والمنافقين } نهي له عن السماع منهم في أشياء كانوا يطلبونها مما لا يجب وفي أشياء كانوا يدخلونها مدخل النصائح وهي غش إلى نحو هذا المعنى ، وقوله تعالى : { ودع آذاهم } يحتمل معنيين : أحدهما أن يأمره بترك أن يؤذيهم هو ويعاقبهم فكأن المعنى واصفح عن زللهم ولا تؤذهم فالمصدر على هذا مضاف إلى المفعول ، ونسخ من الآية على هذا التأويل ما يخص الكافرين وناسخه آية السيف ، والمعنى الثاني أن يكون قوله { ودع آذاهم } بمعنى أعرض عن أقوالهم وما يؤذونك به ، فالمصدر على هذا التأويل مضاف إلى الفاعل ، وهذا تأويل مجاهد . ثم أمره تعالى بالتوكل عليه ، وأنسه بقوله { وكفى بالله وكيلاً } ، ففي قوة الكلام وعد بنصر وتقدم القول في { كفى بالله } ، والوكيل الحافظ القائم على الأمر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.