مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَدَعۡ أَذَىٰهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا} (48)

{ وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين } المراد به التهييج أو الدوام والثبات على ما كان عليه { وَدَعْ أَذَاهُمْ } هو بمعنى الإيذاء فيحتمل أن يكون مضافاً إلى الفاعل أي اجعل إيذاءهم إياك في جانب ولا تبال بهم ولا تخف عن إيذائهم ، أو إلى المفعول أي دع إيذاءك إياهم مكافأة لهم { وَتَوَكَّلْ عَلَى الله } فإنه يكفيكهم { وكفى بالله وَكِيلاً } وكفى به مفوضاً إليه .

وقيل : إن الله تعالى وصفه بخمسة أوصاف وقابل كلاً منها بخطاب مناسب له ، قابل الشاهد { وَبَشّرِ المؤمنين } لأنه يكون شاهداً على أمته وهم يكونون شهداء على سائر الأمم وهو الفضل الكبير ، والمبشر بالإعراض عن الكافرين والمناققين لأنه إذا أعرض عنهم أقبل جميع إقباله على المؤمنين وهو مناسب للبشارة ، والنذير ب { وَدَعْ أَذَاهُمْ } لأنه إذا ترك أذاهم في الحاضر والأذى لا بد له من عقاب عاجل أو آجل كانوا منذرين به في المستقبل ، والداعي إلى الله بتيسيره بقوله { وَتَوَكَّلْ عَلَى الله } فإن من توكل على الله يسر عليه كل عسير ، والسراج المنير بالإكتفاء به وكيلاً لأن من أناره الله برهاناً على جميع خلقه كان جديراً بأن يكتفى به عن جميع خلقه .