فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَدَعۡ أَذَىٰهُمۡ وَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِۚ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلٗا} (48)

ثم نهاه سبحانه عن طاعة أعداء الدين فقال : { وَلاَ تُطِعِ الكافرين والمنافقين } أي لا تطعهم فيما يشيرون عليك به من المداهنة في الدين ، وفي الآية تعريض لغيره من أمته ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم معصوم عن طاعتهم في شيء مما يريدونه ويشيرون به عليه ، وقد تقدّم تفسير هذه الآية في أوّل السورة { وَدَعْ أَذَاهُمْ } أي لا تبال بما يصدر منهم إليك من الأذى بسبب يصيبك في دين الله وشدّتك على أعدائه ، أو دع أن تؤذيهم مجازاة لهم على ما يفعلونه من الأذى لك ، فالمصدر على الأوّل مضاف إلى الفاعل وعلى الثاني مضاف إلى المفعول ، وهي منسوخة بآية السيف { وَتَوَكَّلْ عَلَى الله } في كل شؤونك { وكفى بالله وَكِيلاً } توكل إليه الأمور وتفوّض إليه الشؤون ، فمن فوّض إليه أموره كفاه ، ومن وكل إليه أحواله لم يحتج فيها إلى سواه .

/خ48