قوله تعالى : { يا أخت هارون } ، يريد يا شبيهة هارون ، قال قتادة وغيره : كان هارون رجلاً صالحاً عابداً في بني إسرائيل . روي أنه اتبع جنازته يوم مات أربعون ألفاً كلهم يسمى هارون من بني إسرائيل سوى سائر الناس ، شبهوها به على معنى إنا ظننا أنك مثله في الصلاح . وليس المراد منه الأخوة في النسب ، كما قال الله تعالى : { إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين } [ الإسراء : 27 ] أي : أشباههم .
أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر ، أنا عبد الغافر بن محمد ، أنا محمد بن عيسى ، أنا إبراهيم بن محمد ثنا ابن سفيان ، ثنا مسلم بن الحجاج ، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، ثنا ابن إدريس عن أبيه ، عن سماك بن حرب ، عن علقمة بن وائل ، عن المغيرة بن شعبة قال : " لما قدمت نجران سألوني ، فقالوا : إنكم تقرؤون : { يا أخت هارون } و موسى قبل عيسى بكذا وكذا ! فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته عن ذلك فقال : إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم والصالحين قبلهم " . وقال الكلبي : كان هارون أخا مريم من أبيها ، وكان أمثل رجل في بني إسرائيل . وقال السدي : إنما عنوا به هارون أخا موسى ، لأنها كانت من نسله ، كما يقال للتميمي : يا أخا تميم . وقيل : كان هارون رجلاً فاسقاً في بني إسرائيل عظيم الفسق فشبهوها به . { ما كان أبوك } ، عمران ، { امرأ سوء } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : زانيا ، { وما كانت أمك } ، حنة ، { بغياً } ، أي زانية ، فمن أين لك هذا الولد ؟ .
{ يَا أُخْتَ هَارُونَ ْ } الظاهر ، أنه أخ لها حقيقي ، فنسبوها إليه ، وكانوا يسمون بأسماء الأنبياء وليس هو هارون بن عمران أخا موسى ، لأن بينهما قرونا كثيرة { مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ْ } أي : لم يكن أبواك إلا صالحين سالمين من الشر ، وخصوصا هذا الشر ، الذي يشيرون إليه ، وقصدهم : فكيف كنت على غير وصفهما ؟ وأتيت بما لم يأتيا به ؟ . وذلك أن الذرية - في الغالب - بعضها من بعض ، في الصلاح وضده ، فتعجبوا - بحسب ما قام بقلوبهم - كيف وقع منها .
{ يا أخت هارون } يعنون هارون النبي عليه الصلاة والسلام وكانت من أعقاب من كان معه في طبقة الأخوة ، وقيل كانت من نسله وكان بينهما ألف سنة . وقيل هو رجل طالح أو صالح كان في زمانهم شبهوها به تهكما أو لما رأوا قبل من صلاحها أو شتموها به . { ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا } تقرير لآن ما جاءت به فري ، وتنبيه على أن الفواحش من أولاد الصالحين أفحش .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.