فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأُخۡتَ هَٰرُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ ٱمۡرَأَ سَوۡءٖ وَمَا كَانَتۡ أُمُّكِ بَغِيّٗا} (28)

{ يا أخت هارون } هذا من كلامهم أيضا ، وقد وقع الخلاف في معنى هذه الأخوة وفي هارون المذكور ، من هو ؟ فقيل هو هارون أخو موسى ، والمعنى أن من كانت نظنها مثل هارون في العبادة كيف تأتي بمثل هذا ؟ وقيل كانت مريم من ولد هارون أخي موسى ، فقيل لها يا أخت هارون كما يقال لمن كان من العرب يا أخا العرب ، وقيل كان لها أخ من أبيها اسمه هارون ، وقيل : هارون هذا رجل صالح في ذلك الوقت شبهت به في عفتها وصلاحها ، وقيل : بل كان في ذلك الوقت رجل فاسق اسمه هارون فنسبوها إليه على جهة التعيير والتوبيخ حكاه ابن جرير ولم يسم قائله ، وهو ضعيف .

وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وغيرهم عن المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران فقالوا : أرأيت ما تقرؤون يا أخت هارون ؟ وموسى قبل عيسى بكذا وكذا قال فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم{[1159]} ، وهذا التفسير النبوي يغني عن سائر ما روي عن السلف في ذلك .

{ ما كان أبوك } أي عمران { امرأ سوء وما كانت أمك } أي حنة { بغيا } هذا فيه تقرير لما تقدم من التعيير والتوبيخ وتنبيه على أن الفاحشة من ذرية الصالحين ، مما لا ينبغي أن تكون


[1159]:مسلم 2135-الترمذي تفسير سورة 19-الإمام أحمد4/252.