قوله تعالى : { يا أخت هَارُونَ } يريدون : يا شبيهة هارون ، قال قتادةُ ، وكعبٌ ، وابنُ زيدٍ ، والمغيرة بنُ شعبة -رضي الله عنهم- : كان هارُون رجلاً صالحاً مقدِّماً في بني إسرائيل ، رُوِيَ أنَّهُ تبعَ جنازتهُ يوم مات أربعُون ألفاً ، كلُّهم يسمَّى هارون من بني إسرائيل سوى سائر النّاس ، شبَّهُوها به على معنى أنَّنا ظننَّا أنَّك مثلهُ في الصَّلاح ، وليس المرادُ منه الأخُوَّة في النَّسب ؛ كقوله سبحانه وتعالى : { إِنَّ المبذرين كانوا إِخْوَانَ الشياطين }{[21571]} [ الإسراء : 27 ] .
روى المغيرةُ بنُ شعبة -رضي الله عنه- قال : لما قدمتُ [ خراسان ]{[21572]} سالُوني ، فقالوا : إنَّكم تقرءون : { يا أخت هَارُونَ } وموسى قبل عيسى بكذا وكذا ، فلمَّا قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتهُ عن ذلك ، فقال : إنَّهم كانُوا يُسمَّون بأنبيائهم والصَّالحين قبلهم{[21573]} .
قال ابن كثيرٍ : وأخطأ محمَّد بن كعبٍ القرظيُّ في زعمه أنَّها أختُ موسى وهارون نسباً ؛ فإنَّ بينهما من الدُّهُور الطَّويلة ما لا يخفى على من عندهُ أدنى علم ، وكأنَّه غرَّه أنَّ في التَّوراة أن مريم -أخت موسى ، وهارون- ضربت بالدُّفِّ يوم نجَّى الله موسى وقومه ، وغرقَ فرعونُ وجُنودُه ، فاعتقد أنَّ هذه هي تلك ، وهذا في غاية البُطلان ومخالفةٌ للحديث الصحيح المتقدِّم .
وقال الكلبيُّ : كان هارونُ أخا مريم من أبيها ، وكان أمثل رجُل في بني إسرائيل{[21574]} .
وقال السُّديُّ : إنَّما عنوا به هارُون أخا موسى{[21575]} ، لأنَّها كانت من نسله ، كما يقال للتميميِّ : يا أخا تميمٍ ، ويا أخا همدان ، أي : يا واحداً منهم .
وقيل : كان هاروُن فاسقاً في بني إسرائيل مُعْلِناً بالفِسْقُ ، فشبَّهوها به . وقول الكلبيّ أقربُ ؛ لوجهين :
الأول : أن الأصل في الكلام الحقيقةُ ؛ فيحملُ الكلامُ على أخيها المسمَّى ب " هارُونَ " .
الثاني : أنها أضيفت إليه ، ووُصف أبواها بالصَّلاح ؛ وحينئذ يصيرُ التوبيخُ أشدَّ ، لأنَّ من كان حال أبويه وأخيه هذا الحال ، يكونُ صدور الذَّنْبِ منه أفحش .
ثم قالوا : { مَا كَانَ أَبُوكِ امرأ سَوْءٍ } .
قال ابن عبَّاس : أي : زانياً ، " وما كانَتْ أمُّك " حنَّة " بغيَّا " أي : زانية ، فمن أين لك هذا الولدُ{[21576]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.