معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ} (41)

{ ويل يومئذ للمكذبين . إن المتقين في ظلال } جمع ظل أي في ظلال الشجر ، { وعيون } الماء . { وفواكه مما يشتهون }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ} (41)

لما ذكر عقوبة المكذبين ، ذكر ثواب{[1]}  المحسنين ، فقال : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ } [ أي : ] للتكذيب ، المتصفين بالتصديق في أقوالهم وأفعالهم وأعمالهم ، ولا يكونون كذلك إلا بأدائهم الواجبات ، وتركهم المحرمات .

{ فِي ظِلَالٍ } من كثرة الأشجار المتنوعة ، الزاهية البهية . { وَعُيُونٍ } جارية من السلسبيل ، والرحيق وغيرهما .


[1]:- هذا التنبيه جعله الشيخ -رحمه الله- على غلاف المجلد الأول فصدرت به التفسير كما فعل -رحمه الله-.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ} (41)

يقول تعالى مخبرًا عن عباده المتقين{[29637]} الذين عبدوه بأداء الواجبات ، وترك المحرمات : إنهم يوم القيامة يكونون في جنات وعيون ، أي : بخلاف ما أولئك الأشقياء فيه ، من ظل اليحموم ، وهو الدخان الأسود المنتن .


[29637]:- (1) في أ: "المؤمنين".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ} (41)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّ الْمُتّقِينَ فِي ظِلاَلٍ وَعُيُونٍ * وَفَوَاكِهَ مِمّا يَشْتَهُونَ * كُلُواْ وَاشْرَبُواْ هَنِيَئاً بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لّلْمُكَذّبِينَ } .

يقول تعالى ذكره : إن الذين اتقوا عقاب الله بأداء فرائضه في الدنيا ، واجتناب معاصيه فِي ظِلالٍ ظليلة ، وكِنّ كَنِين ، لا يصيبهم أذى حرّ ولا قرّ ، إذ كان الكافرون بالله في ظلّ ذي ثلاث شعب ، لا ظليل ولا يغني من اللهب وعُيُونٍ أنهار تجري خلال أشجار جناتهم وَفَوَاكِهَ مِمّا يَشْتَهُونَ يأكلون منها كلما اشتهوا لا يخافون ضرّها ، ولا عاقبة مكروهها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ} (41)

يجوز أن يكون هذا ختام الكلام الذي هو تقريع للمشركين حكي لهم فيه نعيم المؤمنين الذي لا يشاهده المشركون لبعدهم عن مكانه فيحكى لهم يومئذٍ فيما يقال لهم ليكون ذلك أشد حسرة عليهم وتنديماً لهم على ما فرطوا فيه مِمَا بَادر إليه المتقون المؤمنون ففازوا ، فيكون هذا من جملة القول الذي حذف فعله عند قوله : { انطلقوا } [ المرسلات : 29 ] الخ .

ويجوز أن يكون هذا ابتداء كلام مستأنف انتقل به إلى ذكر نعيم المؤمنين المتقين تنويهاً بشأنهم وتعريضاً بترغيب من المشركين الموجودين في الإقلاع عنه لينالوا كرامة المتقين .

و { ظِلال } : جمع ظِلّ ، وهي ظلال كثيرة لكثرة شجر الجنة وكثرة المستظلّين بظلها ، ولأن لكل واحد منهم ظلاً يتمتع فيه هو ومَن إليه ، وذلك أوقع في النعيم .

والتعريف في { المتقين } للاستغراق فلكل واحد من المتقين كون في ظلال .

و { في } للظرفية وهي ظرفية حقيقية بالنسبة للظلال لأن المستظل يكون مظروفاً في الظل ، وظرفية مجازية بالنسبة للعيون والفواكه تشبيهاً لكثرة مَا حولهم من العيون والفواكه بإحاطة الظروف ،

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي ظِلَٰلٖ وَعُيُونٖ} (41)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

إن الذين اتقوا عقاب الله بأداء فرائضه في الدنيا، واجتناب معاصيه فِي ظِلالٍ ظليلة، وكِنّ كَنِين، لا يصيبهم أذى حرّ ولا قرّ، إذ كان الكافرون بالله في ظلّ ذي ثلاث شعب، لا ظليل ولا يغني من اللهب.

"وعُيُونٍ": أنهار تجري خلال أشجار جناتهم "وَفَوَاكِهَ مِمّا يَشْتَهُونَ "يأكلون منها كلما اشتهوا لا يخافون ضرّها، ولا عاقبة مكروهها.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

يحتمل أن يكون الاتقاء ههنا منصرفا إلى التصديق خاصة؛ لأنه ذكر الاتقاء ههنا مقابل التكذيب في الأولين.

وجائز أن يكون منصرفا إلى المصدقين بالأقوال والموقنين بالأعمال؛ فالمتقي هو الذي اتقى إساءة صحبة نعم الله تعالى، فوقاه الله تعالى شر يوم القيامة مجازاة له والمحسن هو الذي أحسن صحبة نعمه، فأحسن الله مُنقلبه، وأحله بدار كرامته في ظلال وعيون وفواكه، والمتقي هو الذي وقى نفسه عن الهلاك، فوقاه الله تعالى يوم القيامة، والمحسن هو الذي أحسن إلى نفسه، وهو الذي استعملها في طاعة الله تعالى فأحسن إليه بما أنعم عليه من الظلال والعيون.

ثم أخبر أنهم في ظلال، لأن الظلال مما ترغب إليه الأنفس في الدنيا؛ لأنها تدفع عنهم أذى الحرّ والبرد والمطر، وهي لا تحول أيضا بين أذى الرياح وغير ذلك، وظلال الأشجار والحيطان تدفع أذى الحر، وظلال البنيان تدفع أذى الحرّ والبرد والمطر، وهي لا تحول أيضا بين المرء والأشياء عن أن يدرك حقائقها، فعظمت النِّعمة في الظلال، ووقعت إليها الرغبة في الدنيا، فقال: {إن المتقين في ظلال وعيون} وقال: {وظل ممدود} {وماء مسكوب} [الواقعة: 30و31]، ثم الأنفس إذا أوت إلى الظلال اشتهت أن تتمتع به الأبصار، وأعظم ما تتلذذ به الأبصار أن يكون نظرها إلى المياه الجارية، فأخبر أنهم في ظلال وعيون.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

(في ظلال) وهو جمع ظل، وهو الحجاب العالي المانع من كل أذى، فلأهل الجنة حجاب من كل أذى لان هواء الجنة مناف لكل أذى، فهم من طيبة على خلاصة. وقيل في ظلال من قصور الجنة وأشجارها.

(وعيون) وهي ينابيع الماء التي تجري في ظل الاشجار. وقيل: إن تلك العيون جارية في غير أخدود، لأن ذلك امتع بما يرى من حسنه وصفأته على كنهه من غير ملابسة شيء له، وليس هناك شيء إلا على أحسن صفاته، لان الله تعالى قد شوق اليه أشد التشويق ورغب فيه أتم الترغيب.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

«الظلال» في الجنة عبارة عن تكاثف الأشجار وجودة المباني، وإلا فلا شمس تؤذي هنالك حتى يكون ظل يجير من حرها...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أن هذا هو النوع الثامن من أنواع تهديد الكفار وتعذيبهم؛ وذلك لأن الخصومة الشديدة والنفرة العظيمة كانت في الدنيا قائمة بين الكفار والمؤمنين، فصارت تلك النفرة بحيث أن الموت كان أسهل على الكافر من أن يرى للمؤمن دولة وقوة، فلما بين الله تعالى في هذه السورة اجتماع أنواع العذاب والخزي والنكال على الكفار، بين في هذه الآية اجتماع أنواع السعادة والكرامة في حق المؤمن، حتى أن الكافر حال ما يرى نفسه في غاية الذل والهوان والخزي والخسران، ويرى خصمه في نهاية العز والكرامة والرفعة والمنقبة، تتضاعف حسرته وتتزايد غمومه وهمومه، وهذا أيضا من جنس العذاب الروحاني،، فلهذا قال في هذه الآية: {ويل يومئذ للمكذبين}... قال مقاتل والكلبي: المراد من قوله: {إن المتقين} الذين يتقون الشرك بالله، وأقول: هذا القول عندي هو الصحيح الذي لا معدل عنه، ويدل عليه وجوه؛

(أحدها) أن المتقي عن الشرك يصدق عليه أنه متق، لأن المتقي عن الشرك ماهية مركبة من قيدين؛ (أحدهما) أنه متق، (والثاني) خصوص كونه عن الشرك، ومتى وجد المركب، فقد وجد كل واحد من مفرداته لا محالة، فثبت أن كل من صدق عليه أنه متق عن الشرك، فقد صدق عليه أنه متق أقصى ما في الباب، أن يقال: هذه الآية على هذا التقدير تتناول كل من كان متقيا لأي شيء كان، إلا أنا نقول كونه كذلك لا يقدح فيما قلناه، لأنه خص كل من لم يكن متقيا عن جميع أنواع الكفر فيبقى فيما عداه حجة لأن العام الذي دخل التخصيص يبقى حجة فيما عداه.

(وثانيها) أن هذه السورة من أولها إلى آخرها مرتبة في تقريع الكفار على كفرهم وتخويفهم عليه، فهذه الآية يجب أن تكون مذكورة لهذا الغرض، وإلا لتفككت السورة في نظمها وترتيبها، والنظم إنما يبقى لو كان هذا الوعد حاصلا للمؤمنين بسبب إيمانهم، لأنه لما تقدم وعيد الكافر بسبب كفره، وجب أن يقرن ذلك بوعد المؤمن بسبب إيمانه حتى يصير ذلك سببا في الزجر عن الكفر، فأما أن يقرن به وعد المؤمن بسبب طاعته، فذلك غير لائق بهذا النظم والترتيب، فثبت بما ذكرنا أن المراد من قوله: {إن المتقين} كل من كان متقيا عن الشرك والكفر.

(وثالثها) أن حمل اللفظ على المسمى الكامل أولى وأكمل أنواع التقوى هو التقوى عن الكفر والشرك، فكان حمل اللفظ عليه أولى.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

لما كان في سورة الإنسان، ذكر نزراً من أحوال الكفار في الآخرة، وأطنب في وصف أحوال المؤمنين فيها، جاء في هذه السورة الإطناب في وصف الكفار والإيجاز في وصف المؤمنين، فوقع بذلك الاعتدال بين السورتين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{إن المتقين} أي الذين كانوا يجعلون بينهم وبين كل ما يغضب الله وقاية مما يرضيه لعراقتهم في هذا الوصف يوم القيامة {في ظلال} هي في الحقيقة الظلال لا- كما تقدم من ظل الدخان، ولا يشبهها أعلى ظل في الدنيا ولا أحسنه إلا بالاسم، ودل على- أنها على حقيقتها بقوله: {وعيون} لأنها تكون عنها الرياض والأشجار الكبار كما دل على أن ذلك الظل المتشعب للتهكم بما ذكر بعده من أوصاف النار، فهذه العيون تبرد الباطن وتنبت الأشجار المظلة كما أن اللهب يحرّ الظاهر والباطن ويهلك ما قرب منه من شجر و غيره فلا يبقى ولا يذر.

السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني 977 هـ :

{وعيون} أي: من ماء وعسل ولبن وخمر كما قال تعالى: {فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى}.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

{في ظلال} جمع ظل ضد الضح وهو أعم من الفيء فإنه يقال ظل الليل وظل الجنة ويقال لكل موضع لم تصل إليه الشمس ظل ولا يقال الفيء إلا لما زال عنه الشمس ويعبر به أيضاً عن الرفاهة وعن العزة والمناعة، وعلى هذا المعنى حمل الراغب ما في الآية والمتبادر منه ما هو المعروف ويؤيده ما تقدم في المقابل {انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب}

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

يجوز أن يكون هذا ختام الكلام الذي هو تقريع للمشركين،فيكون هذا من جملة القول الذي حذف فعله عند قوله: {انطلقوا}.

ويجوز أن يكون هذا ابتداء كلام مستأنف انتقل به إلى ذكر نعيم المؤمنين المتقين تنويهاً بشأنهم وتعريضاً بترغيب من المشركين الموجودين في الإقلاع عنه لينالوا كرامة المتقين.

{ظِلال}: جمع ظِلّ، وهي ظلال كثيرة لكثرة شجر الجنة وكثرة المستظلّين بظلها، ولأن لكل واحد منهم ظلاً يتمتع فيه هو ومَن إليه، وذلك أوقع في النعيم.

والتعريف في {المتقين} للاستغراق فلكل واحد من المتقين كون في ظلال.

و {في} للظرفية وهي ظرفية حقيقية بالنسبة للظلال لأن المستظل يكون مظروفاً في الظل، وظرفية مجازية بالنسبة للعيون والفواكه تشبيهاً لكثرة مَا حولهم من العيون والفواكه بإحاطة الظروف.

التفسير الحديث لدروزة 1404 هـ :

ومع أن نعتي المتقين والمحسنين يعنيان المؤمنين بالله عز وجل ورسالة نبيه صلى الله عليه وسلم، فإن في استعمالهما كما هو متبادر تلقينا مقصودا به تقرير كون الإيمان بالله ورسوله يجب أن يكون له أثر بارز في سلوك المؤمنين وتصرفهم نحو الله والناس، بحيث يجتهدون في تقوى الله باجتناب الآثام والفواحش وفي الحصول على رضائه بالعمل الصالح والإحسان والإخلاص فيه، وبكلمة ثانية بحيث يتحقق في سلوكهم وتصرفهم صفتا المتقي المحسن فيكونون أهلا لرضوان الله وتكريمه، وهكذا يبدو التلقين قويا رائعا. وهو مستمر المدى كما هو واضح.