فلما بين أنه لا حق لهم في الألوهية ، ولا يستحقون شيئا من العبودية بما وصفهم به من الصفات المقتضية لذلك ، ذكر أيضا أنه لا حظ لهم ، ولا بمجرد الدعوى ، وأن من قال منهم : { إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ ْ } على سبيل الفرض والتنزل { فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ْ } وأي ظلم أعظم من ادعاء المخلوق الناقص ، الفقير إلى الله من جميع الوجوه مشاركة الله في خصائص الإلهية والربوبية ؟ "
{ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } أي : لا يتقدمون بين يديه بأمر ، ولا يخالفونه فيما أمر{[19611]} به بل يبادرون إلى فعله ،
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنّيَ إِلََهٌ مّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظّالِمِينَ } .
يقول تعالى ذكره : ومن يقل من الملائكة إني إله من دون الله ، فَذَلِكَ الذي يقول ذلك منهم نَجْزِيهِ جَهَنّمَ يقول : نثيبه على قيله ذلك جهنم . كَذلِكَ نَجْزِي الظّالِمينَ يقول : كما نجزي من قال من الملائكة إني إله من دون الله جهنم ، كذلك نجزي ذلك كل من ظلم نفسه فكفر بالله وعبد غيره . وقيل : عني بهذه الاَية إبليس . وقال قائلو ذلك : إنما قلنا ذلك ، لأنه لا أحد من الملائكة قال إني إله من دون الله سواه ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج : وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ قال : قال ابن جُرَيج : من يقل من الملائكة إني إله من دونه فلم يقله إلا إبليس دعا إلى عبادة نفسه ، فنزلت هذه في إبليس .
حدثنا بِشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة : وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إنّي إلَهٌ منْ دُونِهِ فَذَلكَ نجْزِيهِ جَهَنّمَ كَذلكَ نَجْزِي الظّالِمينَ وإنما كانت هذه الاَية خاصة لعدوّ الله إبليس لما قال ما قال لعنه الله وجعله رجيما ، فقال : فَذلكَ نَجْزِيهِ جَهَنّمَ كَذلكَ نَجزِي الظّالِمينَ .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة : وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إنّي إلَهٌ منْ دُونِهِ فَذلكَ نَجْزِيهِ جَهَنّمَ قال : هي خاصة لإبليس .
الشرط الذي في قوله تعالى : { ومن يقل منهم إني إله من دونه } الخ . . . شرط على سبيل الفرض ، أي لو قاله واحد منهم مع العلم بأنهم لا يقولونه لأجل ما تقرر من شدة خشيتهم . فالمقصود من هذا الشرط التعريض بالذين ادَّعوا لهم الإلهية بأنهم ادعوا لهم ما لا يرضَونه ولا يقولونه ، وأنهم ادعوا ما يوجب لقائله نار جهنم على حد { ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك } [ الزمر : 65 ] .
وعدل عن ( إن ) الشرطية إلى ( مَن ) الشرطيّة للدلالة على العموم مع الإيجاز . وأدخل اسم الإشارة في جواب الشرط لتحقيق التعليق بنسبته الشرط لأداته للدلالة على جدارة مضمون الجزاء بمن ثبت له مضمون الشرط ، وفي هذا إبطال لدعوى عامة النصارى إلهية عيسى عليه السلام وأنهم يقولون عليه ما لم يقله . ثم صرح بما اقتضاه التعريض فقال تعالى { كذلك نجزي الظالمين } أي مثل ذلك الجزاء وهو جهنم يجزي المثبتين لله شريكاً . والظلم : الشرك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.