إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{۞وَمَن يَقُلۡ مِنۡهُمۡ إِنِّيٓ إِلَٰهٞ مِّن دُونِهِۦ فَذَٰلِكَ نَجۡزِيهِ جَهَنَّمَۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّـٰلِمِينَ} (29)

{ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ } أي من الملائكة الكلامَ فيهم وفي كونهم بمعزل مما قالوا في حقهم { إِنّي إله مّن دُونِهِ } متجاوزٌ إياه تعالى { فَذَلِكَ } الذي فُرض قولُه فرضَ مُحال { نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ } كسائر المجرمين ولا يغني عنهم ما ذُكر من صفاتهم السنية وأفعالِهم المَرْضية ، وفيه من الدِلالة على قوة ملكوتِه تعالى وعزة جبروتِه واستحالةِ كون الملائكة بحيث يتوهم في حقهم ما توهمه أولئك الكفرةُ ما لا يخفى { كذلك نَجْزِي الظالمين } مصدرٌ تشبيهيٌّ مؤكد لمضمون ما قبله أي مثلَ ذلك الجزاءِ الفظيعِ نجزي الذين يضعون الأشياءَ في غير مواضعها ويتعدَّوْن أطوارَهم ، والقصرُ المستفادُ من التقديم معتبرٌ بالنسبة إلى النقصان دون الزيادة أي لا جزاءً أنقصَ منه .