قوله : { وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إني إله مِّن دُونِهِ } . قال قتادة : عنى إبليس حيث دعا إلى عبادة نفسه وأمر بطاعة نفسه فإن أحداً من الملائكة لم يقل إني إلهٌ من دون الله{[28174]} .
والآية لا تدل على أنهم قالوا ذلك أو ما قالوه ، وهذا قريب{[28175]} من قوله : { لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ }{[28176]} قوله : «فذلك نجزيه » يجوز في «ذلك » وجهان :
أحدهما : أنه مرفوع بالابتداء{[28177]} ، وهذا وجه حسن .
والثاني : أنه منصوب بفعل مقدر يفسره هذا الظاهر{[28178]} ، والمسألة من باب الاشتغال ، وفي هذا الوجه إضمار عامل مع الاستغناء عنه ، فهو مرجوح{[28179]} .
والفاء وما في حيزها في موضع جزم جواباً للشرط{[28180]} .
و «كذلك » نعت لمصدر محذوف ، أو حال من ضمير المصدر أي جزاء مثل ذلك الجزاء ، أو نجزي{[28181]} الجزاء حال كونه مثل ذلك{[28182]} .
وقرأ العامة «نَجْزِيه » بفتح النون ، وأبو عبد الرحمن المقرئ{[28183]} بضمها{[28184]} ، ووجهها أنه من أجزأ بالهمز من أجزائي{[28185]} كذا ، أي : كفاني ، ثم خففت الهمزة فانقلبت إلى الياء{[28186]} .
فصل{[28187]}
احتجت المعتزلة بقوله : { وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارتضى } على أن الشفاعة في الآخرة لا تكون لأهل الكبائر ، لأنه لا يقال في أهل الكبائر : إن الله يرتضيهم .
والجواب : قول ابن عباس والضحاك : أن معنى { إِلاَّ لِمَنِ ارتضى } أي لمن قال : لا إله إلا اله . وهذه الآية من أقوى الدلائل في إثبات الشفاعة لأهل الكبائر ، وهو أن من قال لا إله إلا اله فقد ارتضاه الله في ذلك ، ومتى صدق عليه أنه ارتضاه الله في ذلك ( فقد صدق عليه أنه ارتضاه الله ){[28188]} لأن المركب متى صدق لا محالة كل واحد من أجزائه ، وإذا ثبت الله سبحانه قد ارتضاه وجب اندراجه تحت هذه الآية ، فثبت بما ذكرنا أن هذه الآية من أقوى الدلائل لنا على ما قرره ابن عباس .
فصل{[28189]}
دلَّت الآية على أن الملائكة مكلفون لقوله : { وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ } ، وعلى{[28190]} أن الملائكة معصومون . قوله : { كَذَلِكَ نَجْزِي الظالمين } قال القاضي عبد الجبار : هذا يدل على أن كل ظالم يجزيه الله جهنم ، كما توعد الملائكة به ، وذلك يوجب القطع بأنه تعالى لا يغفر الكبائر في الآخرة . وأجيب بأن أقصى{[28191]} ما فيه أن هذا العموم مشعر بالوعيد ، وهو معارض بعمومات الوعد .
والمراد ب «الظَّالِمينَ » الواضعين الإلهية والعبادة في غير موضعها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.