فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{۞وَمَن يَقُلۡ مِنۡهُمۡ إِنِّيٓ إِلَٰهٞ مِّن دُونِهِۦ فَذَٰلِكَ نَجۡزِيهِ جَهَنَّمَۚ كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلظَّـٰلِمِينَ} (29)

{ مشفقون } خائفون ؛ أو : على حذر ورقبة .

{ ومن يقل منهم } ومن يقل من الملائكة على سبيل الفرض { إني إله من دونه } فيدعي الألوهية متجاوزا مقام المعبود بحق جل ثناؤه { فذلك نجزيه جهنم } فذلك الذي فرض قول ما ذكر فرض محال نجعل جزاءه عذاب النار وحر السعير { كذلك نجزي الظالمين } مثل ذلك الجزاء الوبيل نجزي كل متجاوز حده متعد طوره وليس أنقص من هذا الجزاء . [ وهذا شرط ، والشرط لا يلزم وقوعه ، كقوله : { قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ){[2137]} ]{[2138]} .

{ أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ { 30 ) وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ { 31 ) وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ { 32 ) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ { 33 ) } .

{ أو لم ير } أو لم يعلم ؟ ! { رتقا } ملتصقتين . { ففتقناهما } ففصلناهما . { من الماء كل شيء حي } أصل الأحياء الماء .

الاستفهام للإنكار ؛ والواو للعطف على مقدر ؛ والرؤية قلبية بصيرية أي : ألم يتفكروا ويعلموا ؟ ! يقبح الله تعالى غفلة الغافلين ، وإعراض الناس عن التدبر في بديع صنع رب العالمين ، وفي حكمة واقتدار الملك ذي القوة المتين ؛ تجهيل لهم بتقصيرهم عن التدبر في الآيات التكوينية الدالة على عظيم قدرته وتصرفه وكون جميع ما سواه مقهورا تحت ملكوته على وجه ينتفعون به ، ويعلمون أن من كان كذلك لا ينبغي أن يعدل عن عبادته إلى عبادة حجر أو نحوه . . {[2139]} ؛ ولو تدبروا لأيقنوا أن الذي خلق الأرض وفصل عنها السماء وباعد بينهما هو وحده صاحب الخلق والأمر ، وبديع السماوات والأرض ، فلا تليق العبادة إلا له دون سواه ؛ قال الأخفش : { كانتا } لأنهما صنفان ، كما قال الله تعالى ، { إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا . . ){[2140]} { رتقا } مصدر ؛ والمعنى : كانتا ذواتي رتق التصاق ؛ { وجعلنا من الماء كل شيء حي } أي أصل الأحياء الماء ؛ أو : كل شيء من الأحياء له اتصال بالماء ؛ { أفلا يؤمنون } أيعلمون ذلك فلا يؤمنون ؟ ! .


[2137]:سورة الزخرف. الآية 81.
[2138]:ما بين العلامتين [ ] من تفسير القرآن العظيم.
[2139]:ما بين العارضتين مما أورد الألوسي رحمه الله
[2140]:سورة فاطر. من الآية 41.