معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَلِيلٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ} (14)

قوله تعالى : { وقليل من الآخرين } يعني من هذه الأمة ، قال الزجاج : الذين عاينوا جميع النبيين من لدن آدم عليه الصلاة والسلام وصدقوهم ، أكثر ممن عاين الرسول الله صلى الله عليه وسلم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَلِيلٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ} (14)

{ 14 } { وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ }

وهذا يدل على فضل صدر هذه الأمة في الجملة على متأخريها ، لكون المقربين من الأولين أكثر من المتأخرين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَلِيلٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ} (14)

يقول تعالى مخبرًا عن هؤلاء السابقين أنهم { ثُلَّةٌ } أي : جماعة { مِنَ الأوَّلِينَ . وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } . وقد اختلفوا في المراد بقوله : { الأوَّلِينَ } ، و { الآخِرِينَ } . فقيل : المراد بالأولين : الأمم الماضية ، والآخرين : هذه الأمة . هذا رواية عن مجاهد ، والحسن البصري ، رواها عنهما ابن أبي حاتم . وهو اختيار ابن جرير ، واستأنس بقوله صلى الله عليه وسلم : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة " {[28005]} . ولم يحك غيره ولا عزاه إلى أحد .

ومما يستأنس به لهذا القول ، ما رواه الإمام أبو محمد بن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، حدثنا شريك ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : لما نزلت : { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ . وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } شق ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت : { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ . وثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ } فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ، ثلث أهل الجنة ، بل أنتم نصف أهل الجنة - أو : شطر أهل الجنة - وتقاسمونهم النصف الثاني " .

ورواه الإمام أحمد ، عن أسود بن عامر ، عن شريك ، عن محمد ، بياع الملاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، فذكره {[28006]} . وقد روي من حديث جابر نحو هذا ، ورواه الحافظ ابن عساكر من طريق هشام بن عمار : حدثنا عبد ربه بن صالح ، عن عروة بن رويم ، عن جابر بن عبد الله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : لما نزلت : { فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ } ، ذكر فيها { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ . وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } ، قال عمر : يا رسول الله ، ثلة من الأولين وقليل منا ؟ قال : فأمسك آخر السورة سنة ، ثم نزل : { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ . وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ } ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عمر ، تعال فاسمع ما قد أنزل الله : { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ . وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ } ، ألا وإن من آدم إليَّ ثلة ، وأمتي ثلة ، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ، ممن شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له " .

هكذا أورده في ترجمة " عروة بن رويم " {[28007]} ، إسنادا ومتنا ، ولكن في إسناده نظر . وقد وردت طرق كثيرة متعددة بقوله صلى الله عليه وسلم : " إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " الحديث بتمامه {[28008]} ، وهو مفرد في " صفة الجنة " ولله الحمد والمنة . وهذا الذي اختاره ابن جرير هاهنا ، فيه نظر ، بل هو قول ضعيف ؛ لأن هذه الأمة هي خير الأمم بنص القرآن ، فيبعد أن يكون المقربون في غيرها أكثر منها ، اللهم إلا أن يقابل مجموع الأمم بهذه الأمة . والظاهر أن المقربين من هؤلاء أكثر من سائر الأمم ، والله أعلم . فالقول الثاني في هذا المقام ، هو الراجح ، وهو أن يكون المراد بقوله : { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ } أي : من صدر هذه الأمة ، { وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } أي : من هذه الأمة .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح ، حدثنا عفان ، حدثنا عبد الله بن بكر{[28009]} المزني ، سمعت الحسن : أتى على هذه الآية : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ . أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ } فقال : أما السابقون ، فقد مضوا ، ولكن اللهم اجعلنا من أهل اليمين .

ثم قال : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا السُّرِّيّ بن يحيى قال : قرأ الحسن : { وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ . أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ . فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ . ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ } ثلة ممن مضى من هذه الأمة .

وحدثنا أبي ، حدثنا عبد العزيز بن المغيرة المَنْقَري ، حدثنا أبو هلال ، عن محمد بن سيرين ، أنه قال في هذه الآية : { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ . وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } قال : كانوا يقولون ، أو يرجون ، أن يكونوا كلهم من هذه الأمة . فهذا قول الحسن وابن سيرين أن الجميع من هذه الأمة . ولا شك أن أول كل أمة خير من آخرها ، فيحتمل أن يعم الأمر{[28010]} جميع الأمم كل أمة بحسبها ؛ ولهذا ثبت في الصحاح وغيرها ، من غير وجه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خير القرون قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " {[28011]} الحديث بتمامه .

فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا زياد أبو عمر ، عن الحسن ، عن عمار بن ياسر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل أمتي مثل المطر ، لا يدرى أوله خير أم آخره " {[28012]} ، فهذا الحديث ، بعد الحكم بصحة إسناده ، محمول على أن الدين كما هو محتاج إلى أول الأمة في إبلاغه إلى من بعدهم ، كذلك هو محتاج إلى القائمين به في أواخرها ، وتثبيت الناس على السنة وروايتها وإظهارها ، والفضل للمتقدم . وكذلك الزرع الذي يحتاج{[28013]} إلى المطر الأول وإلى المطر الثاني ، ولكن العمدة الكبرى على الأول ، واحتياج الزرع إليه آكد ، فإنه لولاه ما نبت في الأرض ، ولا تعلق أساسه فيها ؛ ولهذا قال ، عليه السلام : " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم ، إلى قيام الساعة " . وفي لفظ : " حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " . والغرض أن هذه الأمة أشرف من سائر الأمم ، والمقربون فيها أكثر من غيرها وأعلى منزلة ؛ لشرف دينها وعظم نبيها . ولهذا ثبت بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أن في هذه الأمة سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب . وفي لفظ : " مع كل ألف سبعون ألفا " . وفي آخر {[28014]} مع كل واحد سبعون ألفا " .

وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا هشام{[28015]} بن مرثد {[28016]} الطبراني ، حدثنا محمد - هو ابن إسماعيل بن عياش - حدثني أبي ، حدثني ضَمْضَم - يعني ابن زُرْعَة - عن شريح - هو ابن عبيد - عن أبي مالك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أما والذي نفسي بيده ، ليبعثن منكم يوم القيامة مثل الليل الأسود زمرة جميعها يحيطون الأرض ، تقول الملائكة لما جاء مع محمد صلى الله عليه وسلم أكثر مما جاء مع الأنبياء ، عليهم السلام " {[28017]} .

وحسن أن يذكر هاهنا [ عند قوله : { ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ . وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } ] {[28018]} الحديث الذي رواه الحافظ أبو بكر البيهقي في " دلائل النبوة " حيث قال : أخبرنا أبو نصر بن قتادة ، أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، حدثنا جعفر - [ هو ]{[28019]} بن محمد بن المستفاض الفريابي - حدثني أبو وهب الوليد بن عبد الملك بن عبيد الله {[28020]} بن مُسَرِّح الحرَّاني ، حدثنا سليمان بن عطاء القرشي الحراني ، عن مسلمة {[28021]} بن عبد الله الجهني ، عن عمه أبي مَشْجَعة بن رِبْعِي ، عن ابن زَمْل الجهني ، رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الصبح قال ، وهو ثان رجله : " سبحان الله وبحمده . أستغفر الله ، إن الله كان توابا " سبعين مرة ، ثم يقول : " سبعين بسبعمائة ، لا خير لمن كانت ذنوبه في يوم واحد أكثر من سبعمائة " . ثم يقول ذلك مرتين ، ثم يستقبل الناس بوجهه ، وكان يعجبه الرؤيا ، ثم يقول : " هل رأى أحد منكم شيئا ؟ " قال ابن زمل : فقلت : أنا يا رسول الله . فقال : " خير تلقاه ، وشر توقاه ، وخير لنا ، وشر على أعدائنا ، والحمد لله رب العالمين . اقصص رؤياك " . فقلت : رأيت جميع الناس على طريق رحب سهل لا حب ، والناس على الجادة منطلقين ، فبينما هم كذلك ، إذ أشفى ذلك الطريق على مرج لم تر عيني مثله ، يرف رفيفا يقطر ماؤه ، فيه من أنواع الكلأ قال : وكأني بالرعلة{[28022]} الأولى حين أشفوا على المرج كبّروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فلم يظلموه يمينا ولا شمالا . قال : فكأني أنظر إليهم منطلقين . ثم جاءت الرعلة الثانية وهم أكثر منهم أضعافا ، فلما أشفوا على المرج كبّروا ، ثم أكبوا رواحلهم في الطريق ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث . ومضوا على ذلك . قال : ثم قدم عظم الناس ، فلما أشفوا على المرج كبروا وقالوا : ( هذا خير المنزل ) . كأني أنظر إليهم يميلون يمينا وشمالا فلما رأيت ذلك ، لزمت الطريق حتى آتي أقصى المرج ، فإذا أنا بك يا رسول الله على منبر فيه سبع درجات وأنت في أعلاها درجة ، وإذا عن يمينك رجل آدم شثل أقنى ، إذا هو تكلم يسمو فيفرع الرجال طولا وإذا عن يسارك رجل ربعة باذ{[28023]} كثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، إذا هو تكلم أصغيتم إكراما له . وإذا أمام ذلك رجل شيخ أشبه الناس بك خلقا ووجها ، كلكم تؤمونه تريدونه ، وإذا أمام ذلك ناقة عجفاء شارف ، وإذا أنت يا رسول الله كأنك تبعثها . قال : فامتقع لون رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم سري عنه ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمّا ما رأيت من الطريق السهل الرحب اللاحب ، فذاك ما حملتم{[28024]} عليه من الهدى وأنتم عليه . وأما المرج الذي رأيت ، فالدنيا {[28025]} مضيت أنا وأصحابي لم نتعلق منها بشيء ، ولم تتعلق منا ، ولم نردها ولم تردنا . ثم جاءت{[28026]} الرعلة الثانية من بعدنا وهم أكثر منا أضعافا ، فمنهم المرتع ، ومنهم الآخذ الضغث ، ونجوا{[28027]} على ذلك . ثم جاء عظم الناس ، فمالوا في المرج يمينا وشمالا فإنا لله وإنا إليه راجعون . وأما أنت ، فمضيت على طريقة صالحة ، فلن تزال عليها حتى تلقاني . وأما المنبر الذي رأيت فيه سبع درجات وأنا في أعلاها درجة ، فالدنيا سبعة آلاف سنة ، أنا في آخرها ألفا . وأما الرجل الذي رأيت على يميني الآدم الشثل ، فذلك موسى ، عليه السلام ، إذا تكلم ، يعلو الرجال بفضل كلام الله إياه . والذي رأيت عن يساري الباز الربعة الكثير خيلان الوجه ، كأنما حمم شعره بالماء ، فذلك عيسى ابن مريم ، نكرمه لإكرام الله إياه . وأما الشيخ الذي رأيت أشبه الناس بي خلقا ووجها فذاك أبونا إبراهيم ، كلنا نؤمه ونقتدي به . وأما الناقة التي رأيت ورأيتني أبعثها ، فهي الساعة ، علينا تقوم ، لا نبي بعدي ، ولا أمة بعد أمتي " . قال : فما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رؤيا بعد هذا إلا أن يجيء الرجل ، فيحدثه بها متبرعا{[28028]} .


[28005]:- (1) لم أجد الحديث في تفسير الطبري والحديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم (896) ومسلم في صحيحه برقم (885) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
[28006]:- (1) المسند (2/391).
[28007]:- (2) تاريخ دمشق لابن عساكر (11/ق279) "مصورة معهد المخطوطات".
[28008]:- (3) منها حديث عمران بن حصين، أخرجه الترمذي في السنن برقم (3168) وحديث عبد الله بن مسعود، أخرجه أحمد في المسند (1/420).
[28009]:- (4) في أ: "بكير" وفي م: "أبي بكر".
[28010]:- (1) في م: "الأمة".
[28011]:- (2) رواه البخاري في صحيحه برقم (3651) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
[28012]:- (3) المسند (4/319).
[28013]:- (4) في م: "هو محتاج".
[28014]:- (5) في أ: "آخره".
[28015]:- (6) في أ: "هاشم".
[28016]:- (7) في هـ وبقية النسخ: "يزيد" والتصويب من المعجم الكبير.
[28017]:- (8) المعجم الكبير (3/297) وفي إسناده محمد بن إسماعيل بن عياش وهو ضعيف لم يسمع من أبيه.
[28018]:- (9) زيادة من أ.
[28019]:- (10) زيادة من أ.
[28020]:- (1) في م، أ: "عبد الله".
[28021]:- (2) في م، أ: "مسلم".
[28022]:- (3) في أ: "وكانوا بالرعلة".
[28023]:- (4) في م: "بار".
[28024]:- (5) في أ: "حملتكم".
[28025]:- (6) في م، أ: "فالدنيا ونضارة عيشها".
[28026]:- (7) في م: "ثم كانت".
[28027]:- (8) في م: "ثم نجوا".
[28028]:- (9) دلائل النبوة (7/36) وفي إسناده سليمان بن عطاء بن قيس، قال ابن حبان في المجروحين (1/329): "شيخ يروي عن مسلمة ابن عبد الله الجهني عن عمه أبي مشجعة بن ربعي بأشياء موضوعة لا تشبه حديث الثقات فلست أدري التخليط فيها منه أو من مسلمة بن عبد الله".

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَلِيلٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ} (14)

يقول تعالى ذكره : جماعة من الأمم الماضية ، وقليل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وهم الاَخرون وقيل لهم الاَخرون : لأنهم آخر الأمم على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ يقول : فوق سُرر منسوجة ، قد أدخل بعضها في بعض ، كما يوضن حلق الدرع بعضها فوق بعض مضاعفة ومنه قول الأعشى :

وَمِنْ نَسْج دَاوُدَ مَوْضُونَةًتُساقُ مَعَ الحَيّ عِيْرا فَعِيْرَا

ومنه وضين الناقة ، وهو البطان من السيور إذا نسج بعضه على بعض مضاعفا كالحلق حلق الدرع . وقيل : وضين ، وإنما هو موضون ، صرف من مفعول إلى فعيل ، كما قيل : قتيل لمقتول . وحُكي سماعا من بعض العرب أزيار الاَجرّ موضون بعضها على بعض ، يراد مشرج صفيف .

وقيل : إنما قيل لها سُرر موضونة ، لأنها مشبكة بالذهب والجوهر . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا حصين ، عن مجاهد ، عن ابن عباس على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ قال : مرمولة بالذهب .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الحصين ، عن مجاهد على سُرُر مَوْضُونَةٍ قال : مرمولة بالذهب .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ قال : يعني الأسرة المرملة .

حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن حصين ، عن مجاهد ، قال : الموضونة : المرملة بالذهب .

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين بن واقد ، عن يزيد ، عن عكرِمة ، قوله : على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ قال : مشبكة بالدرّ والياقوت .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : مَوْضُونَةٍ قال : مرمولة بالذهب .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : على سُرُرٍ مَوْضُونَة والموضونة : المرمولة ، وهي أوثر السرر .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا سليمان ، قال : حدثنا أبو هلال ، عن قتادة ، في قوله : مَوْضُونَةٍ قال مرمولة .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، في قوله : على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ قال : مرملة مشبكة .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ الوضن : التشبيك والنسج ، يقول : وسطها مشبك منسوج .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ الموضونة : المرمولة بالجلد ذاك الوضين منسوجة .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : أنها مصفوفة . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : على سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ يقول : مصفوفة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَلِيلٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ} (14)

وقليل من الآخرين يعني أمة محمد صلى الله عليه وسلم ولا يخالف ذلك قوله صلى الله عليه وسلم إن أمتي يكثرون سائر الأمم لجواز أن يكون سابقو سائر الأمم أكثر من سابقي هذه الأمة وتابعو هذه أكثر من تابعيهم ولا يرده قوله في أصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين لأن كثرة الفريقين لا تنافي أكثرية أحدهما وروي مرفوعا أنهما من هذه الأمة واشتقاقها من الثل وهو القطع .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَلِيلٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ} (14)

الثلة : الجماعة والفرقة ، وهو يقع للقليل والكثير ، واللفظ في هذا الموضوع يعطي أن الجملة { من الأولين } أكثر من الجملة { من الآخرين } ، وهي التي عبر عنها بالقليل .

واختلف المتأولون في معنى ذلك ، فقال قوم حكى قولهم مكي : المراد بذلك الأنبياء ، لأنهم كانوا في صدر الدنيا أكثر عدداً ، وقال الحسن بن أبي الحسن وغيره : المراد السابقون من الأمم والسابقون من الأمة ، وذلك إما أن يقترن أصحاب الأنبياء بجموعهم إلى أصحاب محمد فأولئك أكثر لا محالة ، وإما أن يقترن أصحاب الأنبياء ومن سبق في أثناء الأمم إلى السابقين من جميع هذه الأمة فأولئك أكثر . وروي أن الصحابة حزنوا لقلة سابق هذه الأمة على هذا التأويل فنزلت : { ثلة من الأولين وثلة من الآخرين } [ الواقعة : 39-40 ] فرضوا{[10886]} . وروي عن عائشة أنها تأولت أن الفرقتين في أمة كل نبي وهي في الصدر { ثلة } وفي آخر الأمة { قليل } « . وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه : » الفرقتان في أمتي فسابق أول الأمة { ثلة } وسابق سائرها إلى يوم القيامة قليل ){[10887]} .


[10886]:أخرجه أحمد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن أبي هريرة، وفي آخره:(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، ثلث أهل الجنة، بل أنتم نصف أهل الجنة أو شطر أهل الجنة وتقاسمونهم الشطر الثاني)، وأخرج ابن مردويه، وابن عساكر، عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت{إذا وقعت الواقعة} ذكر فيها{ثلة من الأولين وقليل من الآخرين}، قال عمر:يا رسول الله: ثلة من الأولين وثلة من الآخرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر تعال فاستمع ما قد أنزل الله:{ثلة من الأولين وثلة من الآخرين}، ألا وإن آدم إليّ ثلة وأمتي ثلة، ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين بالسودان من رعاة الإبل ممن يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأخرجه ابن أبي حاتم من وجه آخر عن عروة ابن رويم مرسلا. ورواه الحافظ ابن عساكر عن جابر.
[10887]:رواه سفيان عن أبان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ(الثلتان جميعا من أمتي).