تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَلِيلٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ} (14)

الآيتان 13 و 14 وقوله تعالى : { ثلة من الأولين } { وقليل من الآخرين } اختلف في ذلك .

قال بعضهم : أي { ثلة من الأولين } ممن شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقربوا منه { وقليل من الآخرين } ممن بعد من هذه الأمة من رسول الله صلى الله عليه و سلم وصحبته وإدراك زمانه ، { وقليل } من المقربين { من الآخرين } وهو ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { خير الناس قرني ثم الذين يلونهم } [ البخاري 2652 ] وعلى ذلك قوله تعالى : { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل } [ الحديد : 10 ] على ما يذكر ، والله أعلم .

ومنهم من قال : { ثلة من الأولين } أي جماعة من المؤمنين الذي كانوا في الأمم { وقليل من الآخرين } أي من هذه الأمة . و هكذا يكون لو اجتمع أهل الإيمان من هذه [ الأمة ]{[20411]} مع الأمم الماضية يكون هؤلاء أقل منهم .

ويحتمل أيضا أن السابقين المقربين من الأمم الماضية أكثر من السابقين المقربين من هذه الأمة ، لأن الأنبياء عليهم السلام كلهم من الأمم السالفة .

وقال أهل التأويل لما نزل قوله تعالى : { ثلة من الأولين } { وقليل من الآخرين } وجد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدا شديدا ، وقالوا : لن يدخل الجنة منا إلا قليل ، فنزل قوله تعالى : { ثلة من الأولين } { وقليل من الآخرين } [ الآيتان : 39 و40 ] لكن هذا لا يحتمل لأنه خبر ، ولا ورد{[20412]} في الأخبار نسخ ، وما قالوه فهو نسخ ، والوجه فيه ما ذكرنا .

ويحتمل قوله تعالى : { ثلة من الأولين } { وقليل من الآخرين } هم أصحاب اليمين من الأولين والآخرين جميعا ، أي جماعة كثيرة من الأولين وجماعة كثيرة من الآخرين .

ثم يحتمل أن يكون الأولون والآخرون من هذه الأمة ، ويحتمل أن يكون الأولون من الأمم الماضية والآخرون من هذه الأمة ، وهم المؤمنون ، وقوله تعالى : { ثلة من الأولين } { وقليل من الآخرين } في المقربين خاصة ، والله أعلم .


[20411]:من م، ساقطة من الأصل.
[20412]:في الأصل و م: يرد.