معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ} (79)

77

قوله تعالى : { قل يحييها الذي أنشأها } خلقها . { أول مرة وهو بكل خلق عليم* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ} (79)

فأجاب تعالى عن هذا الاستبعاد بجواب شاف كاف ، فقال : { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ } وهذا بمجرد تصوره ، يعلم به علما يقينا لا شبهة فيه ، أن الذي أنشأها أول مرة قادر على الإعادة ثاني مرة ، وهو أهون على القدرة إذا تصوره المتصور ، { وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ }

هذا أيضا دليل ثان من صفات اللّه تعالى ، وهو أن علمه تعالى محيط بجميع مخلوقاته في جميع أحوالها ، في جميع الأوقات ، ويعلم ما تنقص الأرض من أجساد الأموات وما يبقى ، ويعلم الغيب والشهادة ، فإذا أقر العبد بهذا العلم العظيم ، علم أنه أعظم وأجل من إحياء اللّه الموتى من قبورهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ} (79)

ولهذا قال تعالى : { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } أي : يعلم العظام في سائر أقطار الأرض وأرجائها ، أين ذهبت ، وأين تفرقت وتمزقت .

قال{[24880]} الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا أبو عَوَانة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن رِبْعيّ قال : قال عقبة بن عمرو لحذيفة : ألا تحدثُنا ما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : سمعته يقول : " إن رجلا حضره الموت ، فلما أيس من الحياة أوصى أهله : إذا أنا متّ فاجمعوا لي حَطَبا كثيرًا جزَلا ثم أوقدوا فيه نارًا ، حتى إذا [ أكلت ] {[24881]} لحمي وخلَصت إلى عظمي فامتُحِشْتُ ، فخذوها فدقوها فَذَروها في اليم . ففعلوا ، فجمعه الله إليه فقال له : لم فعلت ذلك ؟ قال : من خشيتك . فغفر الله له " . فقال عقبة بن عمرو : وأنا سمعته يقول ذلك ، وكان نبَّاشا . {[24882]}

وقد أخرجاه في الصحيحين ، من حديث عبد الملك بن عمير ، بألفاظ كثيرة{[24883]} منها : أنه أمر بنيه أن يحرقوه ثم يسحقوه ، ثم يَذْروا نصفه في البر ونصفه في البحر ، في يوم رائح ، {[24884]} أي : كثير الهواء - ففعلوا ذلك . فأمر الله البحر فجمع ما فيه ، وأمر البر فجمع ما فيه ، ثم قال له : كن . فإذا هو رجل قائم . فقال له : ما حملك على ما صنعت ؟ فقال : مخافتك وأنت أعلم . فما تلافاه أن غفر له " .


[24880]:- في ت : "روى".
[24881]:- زيادة من ت، س، والمسند.
[24882]:- المسند (5/395).
[24883]:- صحيح البخاري برقم (6480) وصحيح مسلم برقم (2756).
[24884]:- في س، أ : "راح".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ} (79)

وقوله : وَضَرَبَ لنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ يقول : ومثّل لنا شبها بقوله : مَنْ يُحْيِي العِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ إذ كان لا يقدر على إحياء ذلك أحد ، يقول : فجعلنا كمن لا يقدر على إحياء ذلك من الخلق وَنَسِيَ خَلْقَهُ يقول : ونسي خلْقنَا إياه كيف خلقناه ، وأنه لم يكن إلا نطفة ، فجعلناها خلقا سَوِيّا ناطقا ، يقول : فلم يفكر في خلقناه ، فيعلم أن من خلقه من نطفه حتى صار بشرا سويا ناطقا متصرّفا ، لا يعْجِز أن يعيد الأموات أحياء ، والعظام الرّميم بشَرا كهيئتهم التي كانوا بها قبل الفناء يقول الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قُلْ لهذا المشرك القائل لك : من يُحيي العظام وهي رميم يُحْيِيها الّذِي أنشأَها أوّلَ مَرّةٍ يقول : يحييها الذي ابتدع خلْقها أوّل مرّة ولم تكن شيئا وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيمٌ يقول : وهو بجميع خلقه ذو علم كيف يميت ، وكيف يحيي ، وكيف يبدىء ، وكيف يعيد ، لا يخفى عليه شيء من أمر خلقه .