إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ} (79)

{ قُلْ } تبكيتاً له بتذكيرِ ما نسيَه من فطرته الدالَّةِ على حقيقةِ الحال وإرشاده إلى طريقةِ الاستشهادِ بها { يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ } فإنَّ قدرتَهُ كما هي لاستحالةِ التَّغير فيها والمادَّةُ على حالِها { وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } مبالغٌ في العلمِ بتفاصيلِ كيفيَّاتِ الخلقِ والإيجادِ إنشاءً وإعادةً محيطٌ بجميعِ الأجزاءِ المتفتتة المتبدِّدةِ لكلِّ شخصٍ من الأشخاصِ أصولها وفروعها وأوضاعِ بعضها من بعضٍ من الاتِّصالِ والانفصالِ والاجتماعِ والافتراقِ فيعيدُ كلاًّ من ذلك على النَّمطِ السَّابقِ مع القُوى التي كانتْ قبلُ . والجملةُ إما اعتراضٌ تذييليٌّ مقرِّرٌ لمضمونِ الجوابِ أو معطوفةٌ على الصِّلةِ .

والعدولُ إلى الجُملةِ الاسميَّةِ للتَّنبيهِ على أنَّ علمَه تعالى بما ذُكر أمرٌ مستمرٌّ ليسَ كإنشائهِ للمنشآتِ .