تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ} (79)

ولهذا قال تعالى : { قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } أي : يعلم العظام في سائر أقطار الأرض وأرجائها ، أين ذهبت ، وأين تفرقت وتمزقت .

قال{[24880]} الإمام أحمد : حدثنا عفان ، حدثنا أبو عَوَانة ، عن عبد الملك بن عمير ، عن رِبْعيّ قال : قال عقبة بن عمرو لحذيفة : ألا تحدثُنا ما سمعتَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : سمعته يقول : " إن رجلا حضره الموت ، فلما أيس من الحياة أوصى أهله : إذا أنا متّ فاجمعوا لي حَطَبا كثيرًا جزَلا ثم أوقدوا فيه نارًا ، حتى إذا [ أكلت ] {[24881]} لحمي وخلَصت إلى عظمي فامتُحِشْتُ ، فخذوها فدقوها فَذَروها في اليم . ففعلوا ، فجمعه الله إليه فقال له : لم فعلت ذلك ؟ قال : من خشيتك . فغفر الله له " . فقال عقبة بن عمرو : وأنا سمعته يقول ذلك ، وكان نبَّاشا . {[24882]}

وقد أخرجاه في الصحيحين ، من حديث عبد الملك بن عمير ، بألفاظ كثيرة{[24883]} منها : أنه أمر بنيه أن يحرقوه ثم يسحقوه ، ثم يَذْروا نصفه في البر ونصفه في البحر ، في يوم رائح ، {[24884]} أي : كثير الهواء - ففعلوا ذلك . فأمر الله البحر فجمع ما فيه ، وأمر البر فجمع ما فيه ، ثم قال له : كن . فإذا هو رجل قائم . فقال له : ما حملك على ما صنعت ؟ فقال : مخافتك وأنت أعلم . فما تلافاه أن غفر له " .


[24880]:- في ت : "روى".
[24881]:- زيادة من ت، س، والمسند.
[24882]:- المسند (5/395).
[24883]:- صحيح البخاري برقم (6480) وصحيح مسلم برقم (2756).
[24884]:- في س، أ : "راح".