اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ} (79)

ومنهم من ذكر شبهة وإن في آخرها يعود إلى مجرد الاستبعاد وهي على وجهين :

الأول : أنه بعد العدم لن يبقى شيء فكيف يصح على العدم الحكم بالوجود ؟ !فأجاب الله عن هذه الشبهة بقوله تعالى : { الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ } يعني كما خلق الإنسان ولم يكن{[46645]} شيئاً مذكوراً كذلك يعيده وإن لم يبق شيئاً مذكوراً .

الثاني : أن من تَفَرَّقت أجزاؤه في مشارق الأرض ومغاربها وصار بعضه{[46646]} في أبْدانِ السِّباع ، وبعضه{[46647]} في حواصل الطيور وبعض{[46648]} في جُدْرَان الرباع كيف يجتمع ؟ وأبعد من هذا : لو أكل الإنسان{[46649]} إنساناً وصار أجزاء المأكول في أجزاء الآكل ( فإن أعيدت{[46650]} أجزاء الآكل ) فلا يبقى للمأكول أجزاء تتخلق منها أعضاء{[46651]} وإما أن تُعَاد إلى بدن المأكول فلا يبقى للآكل أجزاء . فأبطل الله تعالى هذه الشبهة بقوله : { وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } . ووجهه : أن في الأكل أجزاء أصلية وأجزاء فضلية وفي المأكول كذلك فإذا أكل إنسانً{[46652]} إنساناً صار الأصلي من أجزاء المأكول فضلياً من أجزاء الآكل والأجزاء الأصلية للآكل هي ما كان قبل الأكل فاللَّه بكل خلق عليم يعلم الأصل من الفضل فيجمع الأجزاء الأصلية للآكل ويجمع الأجزاء الأصلية للمأكول وينفخ فيه روحاً وكذلك يجمع أجزاءه المتفرقة في البِقَاع المتبددة بحكمته وقدرته{[46653]} .


[46645]:في ب لم يك وما هنا هو ما يوافق الرازي.
[46646]:كذا في الرازي وفي ب بعضها.
[46647]:كذلك.
[46648]:كذلك.
[46649]:في ب إنسان وإنسانا وفي الرازي: هو أن إنسانا إذا أكل إنسانا.
[46650]:سقط من ب.
[46651]:في ب اعضاؤه وهي موافقة للرازي.
[46652]:كذا في الرازي وما في ب الإنسان إنسانا.
[46653]:انظر تفسير الرازي 26/109.