قوله تعالى : { إني آمنت بربكم فاسمعون } يعني : فاسمعوا مني ، فلما قال ذلك وثب القوم عليه وثبة رجل واحد فقتلوه . قال ابن مسعود : وطئوه بأرجلهم حتى خرج قصبه من دبره . وقال السدي : كانوا يرمونه بالحجارة وهو يقول : اللهم اهد قومي ، حتى قطعوه وقتلوه . وقال الحسن : خرقوا خرقاً في حلقه فعلقوه بسور من سور المدينة ، وقبره بأنطاكية فأدخله الله الجنة ، وهو حي فيها يرزق ، فذلك قوله { قيل ادخل الجنة }
{ إِنِّي إِذًا } أي : إن عبدت آلهة هذا وصفها { لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } فجمع في هذا الكلام ، بين نصحهم ، والشهادة للرسل بالرسالة ، والاهتداء والإخبار بِتعيُّن{[753]} عبادة اللّه وحده ، وذكر الأدلة عليها ، وأن عبادة غيره باطلة ، وذكر البراهين عليها ، والإخبار بضلال من عبدها ، والإعلان بإيمانه جهرا ، مع خوفه الشديد من قتلهم ، فقال : { إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ } فقتله قومه ، لما سمعوا منه وراجعهم بما راجعهم به .
والآن وقد تحدث الرجل بلسان الفطرة الصادقة العارفة الواضحة يقرر قراره الأخير في وجه قومه المكذبين المهددين المتوعدين . لأن صوت الفطرة في قلبه أقوى من كل تهديد ومن كل تكذيب :
( إني آمنت بربكم فاسمعون ) . .
وهكذا ألقى بكلمة الإيمان الواثقة المطمئنة . وأشهدهم عليها . وهو يوحي إليهم أن يقولوها كما قالها . أو أنه لايبالي بهم ماذا يقولون !
ثم صدع رضي الله تعالى عنه بإيمانه وأعلن فقال { إني آمنت بربكم فاسمعون } واختلف المفسرون في قوله { فاسمعون } فقال ابن عباس وكعب ووهب : خاطب بها قومه .
قال القاضي أبو محمد : على جهة المبالغة والتنبيه ، وقيل خاطب بها الرسل على جهة الاشهاد بهم{[9787]} والاستحفاظ عندهم ، وقرأ الجمهور «فاسمعونِ » بكسر النون على نية الياء بعدها وروى أبو بكر عن عاصم «فاسمعونَ » بفتح النون قال أبو حاتم : هذا خطأ لا يجوز لأنه أمر ، فإما حذف النون وإما كسرها على نية الياء .
قال القاضي أبو محمد : وهنا محذوف تواترت به الأحاديث والروايات ، وهو أنهم قتلوه ، واختلف كيف ، فقال قتادة وغيره : رجموه بالحجارة ، وقال عبد الله بن مسعود ، مشوا عليه بأقدامهم حتى خرج قصبه{[9787]} من دبره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.