الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{إِنِّيٓ ءَامَنتُ بِرَبِّكُمۡ فَٱسۡمَعُونِ} (25)

" إني آمنت بربكم فاسمعون " قال ابن مسعود : خاطب الرسل بأنه مؤمن بالله ربهم . ومعنى " فاسمعون " أي فأشهدوا ، أي كونوا شهودي بالإيمان . وقال كعب ووهب : إنما قال ذلك لقومه إني آمنت بربكم الذي كفرتم به . وقيل : إنه لما قال لقومه " اتبعوا المرسلين . اتبعوا من لا يسألكم أجرا " رفعوه إلى الملك وقالوا : قد تبعت عدونا ، فطول معهم الكلام ليشغلهم بذلك عن قتل الرسل ، إلى أن قال : " إني آمنت بربكم " فوثبوا عليه فقتلوه . قال ابن مسعود : وطئوه بأرجلهم حتى خرج قُصْبُه{[13205]} من دبره ، وألقي في بئر وهي الرس وهم أصحاب الرس . وفي رواية أنهم قتلوا الرسل الثلاثة . وقال السدي : رموه بالحجارة وهو يقول : اللهم اهد قومي حتى قتلوه . وقال الكلبي : حفروا حفرة وجعلوه فيها ، وردموا فوقه التراب فمات ردما . وقال الحسن : حرقوه حرقا ، وعلقوه من سور المدينة وقبره في سور أنطاكية . حكاه الثعلبي . وقال القشيري : وقال الحسن لما أراد القوم أن يقتلوه رفعه الله إلى السماء ، فهو في الجنة لا يموت إلا بفناء السماء وهلاك الجنة ، فإذا أعاد الله الجنة أدخلها . وقيل : نشروه بالمنشار حتى خرج من بين رجليه ، فوالله ما خرجت روحه إلا إلى الجنة فدخلها ، فذلك قوله : " قيل ادخل الجنة " .


[13205]:القصب: المعي.