قوله : { إني آمَنتُ بِرَبِّكُمْ } فيه وجوه :
أحدها : أنه خاطب المرسلين . قال المفسرون : أقبل القوم عليه يريدون قتله فأقبل هو للمرسلين وقال : إنِّي آمنت بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُوا قولي واشهدوا لي .
والثاني : هم الكفار لمَّا نصحهم وما نفعهم قال آمنت فاسمعون .
الثالث : بربكم أيها السامعون فاسمعوني على العموم كقول الواعظ : يا مِسْكينُ ما أَكْثَرَ أَمَلَك ( وما أتْرَرَ{[45948]} عَمَلَك ) يريد كل سامع يسمعه وفي قوله «فَاسْمَعُونَ » فوائد منها : أنه كلام متفكر حيث قال : اسمعوا فإن المتكلم إذا كان يعلم أن لكلامه جماعةً سامعين يتفكر ، ومنها أن ينبه القوم ويقول : إن أخبرتكم بما فعلت حتى لا يقولوا لم أخفيت عنا أمرك ولو أظهرته لآمنا معك .
فإن قيل : قال من قبل : مَا لِيَ لاَ أَعْبُدُ الِّذي فطرني ، وقال ههنا : آمنتُ بربكم ولم يقل : آمنت بربي ! ؟ فالجواب : إن قلنا : الخطاب مع الرسل فالأمر ظاهر لأنه لما قال : آمنتُ برَبِّكُمْ ظهر عند الرسل{[45949]} أنه قبل قولهم وآمن بالرب الذي دعوه إليه وقال «بِرَبِّكُمْ » . وإن قلنا : الخطابُ مع الكفار ففيه ( وجوه ){[45950]} بيان للتوحيد لأنه لما قال : «أعبد الذي فطرني » ثم قال : «آمنت بربكم فاسمعون » فُهِمَ أنه يقول : ربي وربكم واحد وهو الذي فطرني وهو بعينه ربكم بخلاف ما لو قال : آمنت بربي فيقول الكافر : وأنا أيضاً آمنت بربي{[45951]} .
قوله : { فاسمعون } العامة على كسر النون وهي نون الوقاية حذفت بعدها ياء الإضافة{[45952]} مُجتزءاً عنْهَا بكسرة النون وهي اللغة الغالبة . وقرأ عِصْمَةُ{[45953]} عن عاصم بفتحها{[45954]} . وليست إلا غلطا ( على عاصم ){[45955]} ، إذ لا وجه ( لها ){[45956]} ، وقد وقع لابن عطية وَهَمٌ فاحش في ذلك فقال : وقرأ الجمهور بفتح النون{[45957]} . وقال أبو حاتم : هذا خطأ فلا يجوز لأنه أمر فإما حذف النون وإما كسرها على جهة الياء{[45958]} ، يعني ياء المتكلم ، وقد يكون قوله : «الجمهور » سبقَ قلم منه أو من النساخ وكان الأصل : وقرأ غيرُ الجمهور فسقط{[45959]} لفظة «غيره » . ( و ){[45960]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.