معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَٱخۡتُلِفَ فِيهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ} (110)

قوله تعالى : { ولقد آتينا موسى الكتاب } ، التوراة ، { فاختلف فيه } فمن مصدق به ومكذب ، كما فعل قومك بالقرآن ، يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم { ولولا كلمة سبقت من ربك } في تأخير العذاب عنهم ، " لقضي بينهم " ، أي : لعذبوا في الحال وفرغ من عذابهم وإهلاكهم ، { وإنهم لفي شك منه مريب } ، موقع في الريبة والتهمة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَٱخۡتُلِفَ فِيهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ} (110)

{ 110 - 113 ْ } { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ * وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ * فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ْ }

يخبر تعالى ، أنه آتى موسى الكتاب ، الذي هو التوراة ، الموجب للاتفاق على أوامره ونواهيه ، والاجتماع ، ولكن ، مع هذا ، فإن المنتسبين إليه ، اختلفوا فيه اختلافا ، أضر بعقائدهم ، وبجامعتهم الدينية .

{ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ ْ } بتأخيرهم ، وعدم معاجلتهم بالعذاب { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ْ } بإحلال العقوبة بالظالم ، ولكنه تعالى ، اقتضت حكمته ، أن أخر القضاء بينهم إلى يوم القيامة ، وبقوا في شك منه مريب .

وإذا كانت هذه حالهم ، مع كتابهم ، فمع القرآن الذي أوحاه الله إليك ، غير مستغرب ، من طائفة اليهود ، أن لا يؤمنوا به ، وأن يكونوا في شك منه مريب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَٱخۡتُلِفَ فِيهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ} (110)

100

( ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ) . .

وتفرقت كلمتهم واعتقاداتهم وعباداتهم ، ولكن كلمة سبقت من الله أن يكون حسابهم الكامل يوم القيامة :

( ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم ) . .

ولحكمة ما سبقت هذه الكلمة ، ولم يحل عذاب الاستئصال بهم ، لأن لهم كتابا ، والذين لهم كتاب من أتباع الرسل كلهم مؤجلون إلى يوم القيامة ، لأن الكتاب دليل هداية باق ، تستطيع الأجيال أن تتدبره كالجيل الذي أنزل فيه . والأمر ليس كذلك في الخوارق المادية التي لا يشهدها إلا جيل ، فإما أن يؤمن بها وإما أن لا يؤمن فيأخذه العذاب . . والتوراة والإنجيل كتابان متكاملان يظلان معروضين للأجيال حتى يجيء الكتاب الأخير ، مصدقا لما بين يديه من التوراة والإنجيل فيصبح هو الكتاب الأخير للناس جميعا يدعى إليه الناس جميعا ، ويحاسب على أساسه الناس جميعا ، بما فيهم أهل التوراة وأهل الإنجيل . ( وإنهم ) . . أي قوم موسى . . ( لفي شك منه مريب ) . . من كتب موسى ، لأنه لم يكتب إلا بعد أجيال ، وتفرقت فيه الروايات واضطربت ، فلا يقين فيه لمتبعيه .

وإذا كان العذاب قد أجل . . فإن الكل سيوفون أعمالهم خيرها وشرها . سيوفيهم بها العليم الخبير بها ولن تضيع :

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَٱخۡتُلِفَ فِيهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ} (110)

ثم ذكر تعالى أنه آتى موسى الكتاب ، فاختلف الناس فيه ، فمن مؤمن به ، ومن كافر به ، فلك بمن سلف من الأنبياء قبلك يا محمد أسوة ، فلا يغيظنك تكذيبهم لك ، ولا يهيدنَّك ذلك .

{ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } قال ابن جرير : لولا ما تقدم من تأجيله العذاب{[14935]} إلى أجل معلوم ، لقضى الله بينهم .

ويحتمل أن يكون المراد بالكلمة ، أنه لا يعذب أحدا إلا بعدم{[14936]} قيام الحجة عليه ، وإرسال الرسول إليه ، كما قال : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا } [ الإسراء : 15 ] ؛ فإنه قد قال في الآية الأخرى : { وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ } [ طه : 129 ، 130 ] .

ثم أخبر أن الكافرين في شك - مما جاءهم به الرسول - قوي ، فقال { وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ } .


[14935]:- في ت : "العباد" وفي أ : "الميعاد".
[14936]:- في ت ، أ : "إلا بعد".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَٱخۡتُلِفَ فِيهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ} (110)

وقوله تعالى : { ولقد آتينا موسى الكتاب } الآية ، تسلية لمحمد صلى الله عليه وسلم وذكر قصة موسى مثل له ، أي لا يعظم عليك أمر من كذبك ، فهذه هي سيرة الأمم ، فقد جاء موسى ، بكتاب فاختلف الناس عليه .

وقوله : { ولولا كلمة سبقت من ربك } إلى آخر الآية ، يحتمل أن يريد به أمة موسى ، ويحتمل أن يريد به معاصري محمد عليه السلام ؛ وأن يعمهم اللفظ أحسن -عندي - ويؤكد ذلك قوله : { وإن كلاً } و «الكلمة » ها هنا عبارة عن الحكم والقضاء والمعنى { لقضي بينهم } أي لفصل بين المؤمن والكافر ، بنعيم هذا وعذاب هذا*** . ووصف «الشك » بالمريب تقوية لمعنى الشك .