إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَٱخۡتُلِفَ فِيهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ} (110)

{ وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى الكتاب } أي التوراةَ { فاختلف فِيهِ } أي في شأنه وكونِه من عند الله تعالى فآمن به قومٌ وكفر به آخرون فلا تبالِ باختلاف قومِك فيما آتيناك من القرآن وقولِهم : { لَوْلاَ أُنُزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ } [ هود الآية : 12 ] وزعمِهم أنك افتريتَه { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن ربّكَ } وهي كلمةُ القضاءِ بإنظارهم إلى يوم القيامةِ على حسب الحِكمةِ الداعيةِ إلى ذلك { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي لأوقع القضاءَ بين المختلفين من قومك بإنزال العذابِ الذي يستحقه المبطِلون ليتميّزوا به عن المُحِقّين ، وقيل : بين قوم موسى وليس بذاك { وَإِنَّهُمْ } أي وإن كفارَ قومِك أريد به بعضُ من رجع إليهم ضميرُ بينهم للأمن من الإلباس { لفي شَكّ } عظيم { مِنْهُ } أي من القرآن وإن لم يجْرِ له ذكر ، فإن ذكرَ إيتاءِ كتابِ موسى ووقوعِ الاختلافِ فيه لاسيما بصدد التسليةِ ينادي به نداءً غيرَ خفي { مُرِيبٍ } مُوقِع في الريبة .