وقوله تعالى : ( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ) أي التوراة ( فاختلف فيه ) أي اختلف في الكتاب والاختلاف فيه يحتمل وجوها ثلاثة :
أحدها : في الإيمان به والكفر ؛ منهم من آمن به ، ومنهم من كفر .
والثاني : اختلفوا فيه في الزيادة والنقصان والتبديل والتحويل والتحريف كقوله : ( وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب )الآية[ آل عمران : 78 ] وكقوله : ( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم )[ البقرة : 79 ] وكقوله : ( يحرفون الكتاب عن مواضعه )[ النساء : 46 ] وأمثاله من الآيات .
والوجه الثالث : من الاختلاف : اختلافهم[ في الأصل وم : اختلفوا ] في تأويله وفي معناه بعد ما آمنوا به ، وقبلوه . فالاختلاف في التأويل مما احتمل كتابنا . وأما التبديل والتحريف والزيادة والنقصان فإنه لا يحتمل لما ضمن الله حفظ هذا الكتاب بقوله : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )[ الحجر : 9 ] وقوله[ في الأصل وم : وقال ] : ( لا يأتيه الباطل )الآية[ فصلت : 42 ] وجعله منتشرا على ألسن الناس وقلوبهم ، حتى من زاد ، أو نقص ، أو بدل ، أو حرف شيئا ، أو قدم ، أو أخر ، عرف ذلك .
فهو ، والله أعلم ، لا يحتمل هذا : نسخها ، ولا شرائعه تبديلها وأما الكتب السالفة فإنما جعل حفظها إليهم بقوله : ( بما استحفظوا من كتاب الله )[ المائدة : 44 ] فهو ، والله أعلم ، لما احتمل شرائعها وأحكامها بنسخها وتبديلها ، لذلك كان الأمر ما ذكرنا قوله : ( ولقد آتينا موسى الكتاب فاختلف فيه ) ذكر هذا لرسول الله ، يصبره على ما اختلف قومه في الكتاب الذي نزل عليه ؛ يقول : وقد اختلف في ما أنزل على من كان قبلك كما اختلف في ما أنزل عليك .
وقوله تعالى : ( ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم ) بالهلاك هلاك استئصال واستيعاب .
وكلمته التي سبقت تحتمل [ وجوها :
أحدها ][ ساقطة من الأصل وم ] : ما كان من حكمه أن يختم الرسالة بمحمد ، وأن يجعله خاتم النبيين ، وأمنه آخر الأمم ؛ بهم تقوم الساعة ، يحتمل أن تكون كلمته التي ذكر هذا الذي ذكرنا .
والثاني[ في الأصل وم : وتحتمل وجا آخر وهو ] : إن كان من حكمه أنهم إذا اختلفوا في الكتاب والدين ، وصاروا بحيث لا يهتدون إلى شيء ، ولا يجدون سبيلا إلى الدين أن يبعث رسولا ، يبين لهم الدين ، ويدعوهم إلى الهدى ؛ لولا هذا الحكم سبق ، وإلا لقضى بينهم بالهلاك .
والثالث : لولا ما سبق منه أن يؤخر العذاب عن هذه الأمة إلى وقت ، وإلا لقضى بينهم بالهلاك .
والرابع[ في الأصل وم : وقوله تعالى : ( ولولا كلمة سبقت من ربك لقضي بينهم ) ] : تحتمل الكلمة التي ذكر أنها سبقت في قوم موسى ، وهو أنه لا يهلكهم بعد الغرق إهلاك استئصال ، والتوراة إنما أنزلت من بعد [ الغرق ][ ساقطة من الأصل وم ] ، وقد آمن من ( قوم موسى أمة يهدون بالحق )الآية[ الأعراف : 159 ] وقوله تعالى : ( وإنهم لفي شك منه مريب ) يحتمل قوله : ( لفي شك منه ) في الدين ( مريب ) .
و قال بعضهم : ( لفي شك ) من العذاب ( مريب ) وقد ذكرنا الفرق بين الشك والريب في ما تقدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.