البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَى ٱلۡكِتَٰبَ فَٱخۡتُلِفَ فِيهِۚ وَلَوۡلَا كَلِمَةٞ سَبَقَتۡ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيۡنَهُمۡۚ وَإِنَّهُمۡ لَفِي شَكّٖ مِّنۡهُ مُرِيبٖ} (110)

لما بين تعالى إصرار كفار مكة على إنكار التوحيد ونبوّة الرسول والقرآن الذي أتى به ، بيّن أنّ الكفار من الأمم السابقة كانوا على هذه السيرة الفاجرة مع أنبيائهم ، فليس ذلك ببدع مِن مَن عاصر الرسول صلى الله عليه وسلم ، وضرب لذلك مثلاً وهو : إنزال التوراة على موسى فاختلفوا فيها .

والكتاب هنا التوراة ، فقبله بعض ، وأنكره بعض ، كما اختلف هؤلاء في القرآن .

والظاهر عود الضمير فيه على الكتاب لقربه ، ويجوز أن يعود على موسى عليه السلام .

ويلزم من الاختلاف في أحدهما الاختلاف في الآخر .

وجوز أن تكون في بمعنى على ، أي : فاختلف عليه ، وكان بنو إسرائيل أشدّ تعنتاً على موسى وأكثر اختلافاً عليه .

وقد تقدم شرح : { ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم } والظاهر عود الضمير في بينهم على قوم موسى عليه السلام ، إذ هم المختلفون فيه ، أو في الكتاب .

وقيل : يعود على المختلفين في الرسول من معاصريه .

قال ابن عطية : وأنْ يعمهم اللفظ أحسن عندي ، وهذه الجملة من جملة تسليته أيضاً .