معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (38)

قوله تعالى : { ليجزيهم الله أحسن ما عملوا } يريد : أنهم اشتغلوا بذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ( ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ) ، أي بأحسن ما عملوا ، يريد : يجزيهم بحسناتهم ، وما كان من مساوئ أعمالهم لا يجزيهم بها ، { ويزيدهم من فضله } ما لم يستحقوه بأعمالهم ، { والله يرزق من يشاء بغير حساب } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (38)

{ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا } والمراد بأحسن ما عملوا : أعمالهم الحسنة الصالحة ، لأنها أحسن ما عملوا ، لأنهم يعملون المباحات وغيرها ، فالثواب لا يكون إلا على العمل الحسن ، كقوله تعالى : { لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ ما كَانُوا يَعْمَلُونَ } { وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } زيادة كثيرة عن الجزاء المقابل لأعمالهم ، { وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } بل يعطيه من الأجر ما لا يبلغه عمله ، بل ولا تبلغه أمنيته ، ويعطيه من الأجر بلا عد ولا كيل ، وهذا كناية عن كثرته جدا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (38)

وهم مع هذا الخوف يعلقون رجاءهم بثواب الله :

( ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ، ويزيدهم من فضله ) . .

ورجاؤهم لن يخيب في فضل الله : ( والله يرزق من يشاء بغير حساب )من فضله الذي لا حدود له ولا قيود .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (38)

{لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}أي : هؤلاء من الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم .

وقوله : { وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } أي : يتقبل منهم الحسن ويضاعفه لهم ، كما قال تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا } [ النساء : 40 ] ، وقال تعالى : { مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } [ الأنعام : 160 ] ، وقال { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً } [ البقرة : 245 ] ، وقال { وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ } [ البقرة : 261 ]

كما قال هاهنا : { وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } .

وعن ابن مسعود : أنه جيء بلبن فعرضه على جلسائه واحدًا واحدًا ، فكلهم لم يشربه لأنه كان صائمًا ، فتناوله ابن مسعود وكان مفطرًا فشربه ، ثم تلا قوله تعالى{[21273]} { يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ } ، رواه النسائي ، وابن أبي حاتم ، من حديث الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عنه{[21274]} .

وقال [ ابن أبي حاتم ]{[21275]} أيضًا : حدثنا أبي ، حدثنا سُوَيْد بن سعيد ، حدثنا علي بن مُسْهِر عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن شهر بن حَوْشَب عن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ، جاء مناد فنادى بصوت يُسمع الخلائق : سيعلم أهلُ الجمع من أولى بالكرم ، ليقم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله . فيقومون ، وهم قليل ، ثم يحاسب سائر الخلائق " {[21276]} .

وروى الطبراني ، من حديث بَقيَّة ، عن إسماعيل بن عبد الله الكندي ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن ابن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } [ فاطر : 30 ] قال : { أُجُورَهُمْ } يدخلهم الجنة { ، وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ } ، الشفاعة لمن وجبت له الشفاعة ، لمن صنع لهم المعروف في الدنيا{[21277]} .


[21273]:- في ف ، أ : "عز وجل".
[21274]:- ذكره المزي في تحفة الأشراف برقم (9435) وعزاه للنسائي في المواعظ.
[21275]:- زيادة من ف ، أ.
[21276]:- ورواه هناد في الزهد برقم (176) من طريق أبي معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق ، به. وعبد الرحمن بن إسحاق ضعيف.
[21277]:- المعجم الكبير للطبراني (10/248) وقال الحافظ ابن كثير عند تفسير الآية: 173 من سورة النساء : "هذا إسناد لا يثبت ، وإذا روي عن ابن مسعود موقوفا فهو جيد".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (38)

{ ليجزيهم الله } متعلق بيسبح أو لا تلهيهم أو يخافون . { أحسن ما عملوا } أحسن جزاء ما عملوا الموعود لهم من الجنة . { ويزيدهم من فضله } أشياء لم يعدهم بها على أعمالهم ولم تخطر ببالهم . { والله يرزق من يشاء بغير حساب } تقرير للزيادة وتنبيه على كمال القدرة ونفاذ المشيئة وسعة الإحسان .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (38)

يتعلق قوله : { ليجزيهم الله أحسن ما عملوا } ب { يخافون } ، أي كان خوفهم سبباً للجزاء على أعمالهم الناشئة عن ذلك الخوف .

والزيادة : من فضله هي زيادة أجر الرهبان إن آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم حينما تبلغهم دعوته لما في الحديث الصحيح : « أن لهم أجرين » أو هي زيادة فضل الصلاة في المساجد إن كان المراد بالبيوت مساجد الإسلام .

وجملة : { والله يرزق من يشاء بغير حساب } تذييل لجملة : { ليجزيهم الله } . وقد حصل التذييل لما في قوله : { من يشاء } من العموم ، أي وهم ممن يشاء الله لهم الزيادة .

والحساب هنا بمعنى التحديد كما في قوله : { إن الله يرزق من يشاء بغير حساب } في سورة آل عمران ( 37 ) . وأما قوله : { جزاء من ربك عطاء حساباً } [ النبأ : 36 ] فهو بمعنى التعيين والإعداد للاهتمام بهم .