فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (38)

{ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا } اللام لام العاقبة والصيرورة لا لام العلة الباعثة أي يفعلون ما يفعلون من التسبيح ، والذكر وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ليجزيهم الله أحسن جزاء أعمالهم حسبما وعدهم ، من تضعيف ذلك إلى عشرة أمثاله وإلى سبعمائة ضعف ، وقيل : المراد بما في هذه الآية ما يتفضل به سبحانه عليهم ، زيادة على ما يستحقونه ، والأول أولى لقوله :

{ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ } فإن المراد به التفضل عليهم بما فوق الجزاء الموعود به ، أي يتفضل بأشياء لم توعد لهم بخصوصياتها أو بمقاديرها ، ولم يخطر ببالهم كيفياتها ، ولا كمياتها ، بل إنما وعدت بطريق الإجمال في مثل قوله تعالى : { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } ، وقوله عليه السلام حكاية عنه عز وجل : " أعددت لعبادي الصالحين ، ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر " {[1305]} غير ذلك من المواعيد الكريمة التي من جملتها قوله تعالى :

{ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ } فإنه تذييل مقرر للزيادة ، ووعد كريم بأنه تعالى يعطيهم غير أجور أعمالهم ، من الخيرات لما لا يفي به الحساب والمعنى من غير أن يحاسبه على ما أعطاه ، أو إن إعطاءه سبحانه لا نهاية له . قال الكرخي : وضع الموصول موضع ضمير { هم } للتنبيه بما في حيز الصلة على أن مناط الرزق المذكور محض مشيئته تعالى لا أعمالهم المحكية وذلك تنبيه على كمال قدرته ، وكمال جوده ، وسعة إحسانه ،


[1305]:مسلم 2824 ـ البخاري1534.