النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ يَرۡزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (38)

{ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا } فذكر الجزاء على الحسنات ولم يذكر الجزاء على السيئات وإن كان يجازى عليها لأمرين :

أحدهما : أنه ترغيب فاقتصر على ذكر الرغبة .

الثاني : أنه يكون في صفة قوم لا تكون منهم الكبائر فكانت صغائرهم مغفورة .

{ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ } يحتمل وجهين :

أحدهما : ما يضاعفه من الحسنة بعشر أمثالها .

الثاني : ما يتفضل به من غير جزاء .

{ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : بغير جزاء بل يسديه تفضلاً .

الثاني : غير مقدر بالكفاية حتى يزيد عليها .

الثالث : غير قليل ولا مضيق .

الرابع : غير ممنون به .

وقيل لما نزلت هذه الآية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء مسجد قباء فحضر عبد الله بن رواحة فقال : يا رسول الله قد أفلح من بنى المساجدا ؟ قال : " نَعَمْ يَا ابْنَ رَوَاحَةَ " ، قال : وصلى فيها قائماً وقاعدا ؟ً قال : " نَعَمْ يَا ابْنَ رَوَاحَةِ " قال : ولم يبت لله إلا ساجداً ؟ قال : " نَعَمْ يَا ابْنَ رَوَاحَةَ . كُفّ عَنِ السَّجْعِ فَمَا أُعْطِيَ عَبْدٌ شَيئاً شَرّاً مِن طَلاَقَةِ في لِسَانِهِ " .