معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞فَحَمَلَتۡهُ فَٱنتَبَذَتۡ بِهِۦ مَكَانٗا قَصِيّٗا} (22)

قوله تعالى : { فحملته } ، قيل : إن جبريل رفع درعها فنفخ في جيبه فحملت حين لبست . وقيل : مد جيب درعها بأصبعه ثم نفخ في الجيب . وقيل : نفخ في كم قميصها . وقيل : في فيها . وقيل : نفخ جبريل عليه السلام نفخاً من بعيد فوصل الريح إليها فحملت بعيسى في الحال ، { فانتبذت به } ، أي تنحت بالحمل وانفردت ، { مكاناً قصياً } ، بعيداً من أهلها . قال ابن عباس رضي الله عنهما : أقصى الوادي ، وهو وادي بيت لحم ، فراراً من قومها أن يعيروها بولادتها من غير زوج . واختلفوا في مدة حملها ووقت وضعها ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : كان الحمل والولادة في ساعة واحدة . وقيل : كان مدة حملها تسعة أشهر كحمل سائر النساء . وقيل : كان مدة حلمها ثمانية أشهر ، وكان ذلك آية أخرى لأنه لا يعيش ولد يولد لثمانية أشهر ، وولد عيسى لهذه المدة وعاش . وقيل : ولدت لستة أشهر . وقال مقاتل بن سليمان : حملته مريم في ساعة ، وصور في ساعة ، ووضعته في ساعة حين زالت الشمس من يومها ، وهي بنت عشر سنين ، وكانت قد حاضت حيضتين قبل أن تحمل بعيسى .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞فَحَمَلَتۡهُ فَٱنتَبَذَتۡ بِهِۦ مَكَانٗا قَصِيّٗا} (22)

{ 22 - 26 ْ } { فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ْ }

أي : لما حملت بعيسى عليه السلام ، خافت من الفضيحة ، فتباعدت عن الناس { مَكَانًا قَصِيًّا ْ } فلما قرب ولادها ،

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞فَحَمَلَتۡهُ فَٱنتَبَذَتۡ بِهِۦ مَكَانٗا قَصِيّٗا} (22)

ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن مشهد آخر من مشاهد تلك القصة العجيبة ، حكت فيها حالتها عند حملها بعيسى ، وعندما جاءها المخاض . فقال - تعالى - : { فَحَمَلَتْهُ فانتبذت . . . } .

قال ابن كثير رحمه الله : يقول - تعالى - مخبراً عن مريم ، أنها لما قال لها جبريل عن الله - تعالى - ما قال : أنها استسلمت لقضائه - تعالى - ، فذكر غير واحد من علماء السلف ، أن الملك وهو جبريل - عليه السلام - عند ذلك نفخ فى جيب درعها ، فنزلت النفخة حتى ولجت فى الفرج ، فحملت بالولد بإذن الله - تعالى - . . .

والمشهور عن الجمهور أنها حملت به تسعة أشهر . قال عكرمة : ثمانية أشهر . وعن ابن عباس أنه قال : لم يكن إلا أن حملت فوضعت ، وهذا غريب ، وكأنه مأخوذ من ظاهر قوله - تعالى - : { فَحَمَلَتْهُ فانتبذت بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً فَأَجَآءَهَا المخاض إلى جِذْعِ النخلة } . فالفاء وإن كانت للتعقيب ، لكن تعقيب كل شىء بحسبه .

فالمشهور الظاهر - والله على كل شىء قدير - أنها حملت به كما تحمل النساء بأولادهن . . . " .

والفاء فى قوله - تعالى - : { فَحَمَلَتْهُ . . } هى الفصيحة ؛ أى : وبعد أن قال جبريل لمريم إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكيا . . . نفخ فيها فحملته ، أى : عيسى ، فانتبذت به ، أى : فتنحت به وهو فى بطنها { مَكَاناً قَصِيّاً } أى : إلى مكان بعيد عن المكان الذى يسكنه أهلها .

يقال : قَصِى فلان عن فلان قَصْواً وقُصُوًّا ، إذا بعد عنه . ويقال : فلان بمكان قصى ، أى : بعيد .

وجمهور العلماء علىأن هذا المكان القصى ، كان بيت لحم بفلسطين .

قال ابن عباس : أقصى الوادى ، وهو وادى بيت لحم ، فراراً من قومها أن يعيروها بولادتها من غير زوج " .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{۞فَحَمَلَتۡهُ فَٱنتَبَذَتۡ بِهِۦ مَكَانٗا قَصِيّٗا} (22)

الفاء للتفريع والتعقيب ، أي فحملت بالغلام في فور تلك المراجعة .

والحمل : العلوق ، يقال : حملت المرأة ولداً ، وهو الأصل ، قال تعالى : { حملته أمه كرهاً } [ الأحقاف : 15 ] . ويقال : حملت به . وكأن الباء لتأكيد اللصوق ، مثلها في { وامسحوا برؤوسكم } [ المائدة : 6 ] . قال أبو كبير الهذلي :

حملت به في ليلة قرءودة *** كرهاً وعقد نطاقها لم يُحلَل

والانتباذ تقدم قريباً ، وكذلك انتصاب { مكاناً } تقدم .

و { قَصِيّاً } بعيداً ، أي بعيداً عن مكان أهلها . قيل : خرجت إلى البلاد المصرية فارّة من قومها أن يعزّروها وأعانها خطيبها يوسف النجّار وأنها ولدت عيسى عليه السلام في الأرض المصرية . ولا يصح .

وفي إنجيل لوقا : أنها ولدته في قرية بيت لحم من البلاد اليهودية حين صعدت إليها مع خطيبها يوسف النجار إذ كان مطلوباً للحضور بقرية أهله لأن ملك البِلاد يجري إحصاء سكان البلاد ، وهو ظاهر قوله تعالى : { فأتت به قومَها تحمله } [ مريم : 27 ] . h