معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ} (33)

قوله تعالى : { إن يشأ يسكن الريح } التي تجريها ، { فيظللن } يعني : الجواري ، { رواكد } ثوابت ، { على ظهره } على ظهر البحر لا تجري ، { إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور } أي : لكل مؤمن لأن صفة المؤمن الصبر في الشدة والشكر في الرخاء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ} (33)

ثم نبه على هذه الأسباب بقوله : { إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ } التي جعلها الله سببا لمشيها ، { فَيَظْلَلْنَ } أي : الجوار { رَوَاكِدَ } على ظهر البحر ، لا تتقدم ولا تتأخر ، ولا ينتقض هذا بالمراكب النارية ، فإن من شرط مشيها وجود الريح .

وإن شاء الله تعالى أوبق الجوار بما كسب أهلها ، أي : أغرقها في البحر وأتلفها ، ولكنه يحلم ويعفو عن كثير .

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } أي : كثير الصبر على ما تكرهه نفسه ويشق عليها ، فيكرهها عليه ، من مشقة طاعة ، أو ردع داع إلى معصية ، أو ردع نفسه عند المصائب عن التسخط ، { شَكُورٍ } في الرخاء وعند النعم ، يعترف بنعمة ربه ويخضع له ، ويصرفها في مرضاته ، فهذا الذي ينتفع بآيات الله .

وأما الذي لا صبر عنده ، ولا شكر له على نعم الله ، فإنه معرض أو معاند لا ينتفع بالآيات .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ} (33)

{ إِن يَشَأْ } - سبحانه - { يُسْكِنِ الريح } التى بسببها تجرى السفن فى البحار { فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ على ظَهْرِهِ } أى : فيصرن ثوابت على ظهر البحر لا يجرين . يقال : ركد الماء ركودا - من باب قعد - إذا سكن ، فهو راكد .

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ } الذى ذكرناه لكم من السفن المسخرة فى البحر بأمره - تعالى { لآيَاتٍ } عظيمات { لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } أى : لكل إنسان قد تحلى بصفتى الصبر والشكر لله - تعالى - ، حتى صارتا هاتان الصفتان سجية من سجاياه . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ} (33)

( إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره ) . .

وإنها لتركد أحياناً فتهمد هذه الجواري وتركد كما لو كانت قد فارقتها الحياة !

( إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) . .

في إجرائهن وفي ركودهن على السواء آيات لكل صبار شكور . والصبر والشكر كثيراً ما يقترنان في القرآن . الصبر على الابتلاء والشكر على النعماء ؛ وهما قوام النفس المؤمنة في الضراء والسراء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ} (33)

{ إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ } أي : التي تسير بالسفن{[25906]} ، لو شاء لسكنها حتى لا تتحرك {[25907]} السفن ، بل تظل راكدة لا تجيء ولا تذهب ، بل واقفة على ظهره ، أي : على وجه الماء { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ } أي : في الشدائد { شكور } أي : إن في تسخيره البحر وإجرائه الهوى بقدر ما يحتاجون إليه لسيرهم ، لدلالات على نعمه تعالى على خلقه { لِكُلِّ صَبَّارٍ } أي : في الشدائد ، { شكور } في الرخاء .


[25906]:- (2) في ت: "تسير بها السفن".
[25907]:- (3) في ت: "يتحرك".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ} (33)

وهو تعالى لو شاء أن يديم سكون الريح عنها لركدت أي أقامت وقرت ولم يتم منها غرض .

وقرأ أبو عمرو وعاصم «الريح » واحدة . وقرأ : «الرياح » نافع وابن كثير والحسن .

وقرأ الجمهور : «فيظلَلن » بفتح اللام . وقرأ قتادة : «فيظلِلن » بكسر اللام .

وباقي الآية فيه الموعظة وتشريف الصبار الشكور بالتخصيص ، والصبر والشكر فيهما الخير كله ، ولا يكونان إلا في عالم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ} (33)

وإسكان الرياح : قطع هبوبها ، فإن الريح حركة وتموّج في الهواء فإذا سكن ذلك التموّج فلا ريح .

وقرأ نافع { الريَاح } بلفظ الجمع . وقرأه الباقون { الريح } بلفظ المفرد . وفي قراءة الجمهور ما يدل على أن الريح قد تطلق بصيغة الإفراد على الريح الخير ، وما قيل : إن الرياح للخير والريح للعذاب في القرآن هو غالب لا مطّرد . وقد قرىء في آيات أخرى الرياح والريح في سياق الخير دون العذاب .

قرأ الجمهور { يشأ } بهمزة ساكنة . وقرأه ورش عن نافع بألف على أنه تخفيف للهمزة .

والرواكد : جمع راكدة ، والركود : الاستقرار والثبوت .

والظهْر : الصلب للإنسان والحيوان ، ويطلق على أعلى الشيء إطلاقاً شائعاً . يقال : ظَهْر البيت ، أي سطحه ، وتقدم في قوله تعالى : { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها } [ البقرة : 189 ] . وأصله : استعارة فشاعت حتى قاربت الحقيقة ، فظَهْر البحر سطح مائه البادي للناظر ، كما أطلق ظهْر الأرض على ما يبدو منها ، قال تعالى : { ما تَرك على ظهرها من دابّة } [ فاطر : 45 ] .

وجُعل ذلك آيةً لكل صبّار شكور لأن في الحالتين خوفاً ونجاة ، والخوف يدعو إلى الصبر ، والنجاةُ تدعو إلى الشكر .

والمراد : أن في ذلك آيات لكل مؤمن متخلق بخلُق الصبر على الضرّاء والشكرِ للسرّاء ، فهو يعتبر بأحوال الفُلْك في البحر اعتباراً يقارنه الصبر أو الشكر .

وإنما جعل ذلك آية للمؤمنين لأنهم الذين ينتفعون بتلك الآية فيعلمون أن الله منفرد بالإلهية بخلاف المشركين فإنها تمر بأعينهم فلا يعتبرون بها .

وقوله : أو يوبقهن } عطف على جزاء الشرط .