فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِن يَشَأۡ يُسۡكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظۡلَلۡنَ رَوَاكِدَ عَلَىٰ ظَهۡرِهِۦٓۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٍ} (33)

{ إِنْ يَشَأْ } قرأ الجمهور بالهمز وقرئ بلا همز { يُسْكِنِ الرِّيحَ } قرأ الجمهور بالإفراد وقرئ بالجمع والمعنى يسكن الريح التي تجري بها السفن { فَيَظْلَلْنَ } أي السفن الجواري . العامة على فتح اللام التي هي عين الفعل ؛ وهو القياس لأن الماضي بكسرها ؛ وقرئ بكسرها ؛ وهو شاذ ، وقال الزمخشري : من ظل يظل ويظل نحو ضل يضل ويضل ؛ قال الشيخ : وليس كما ذكر ؛ لأن يضل بفتح العين من ضللت بكسرها في الماضي ، ويضل بالكسر من ضللت بالفتح وكلاهما مقيس يعني أن كلا منهما له أصل يرجع إليه ، بخلاف ظل فإن ماضيه مكسور العين فقط ، وظل هنا بمعنى صار ، لأن المعنى ليس على وقت الظلول وهو النهار فقط ، أفاده السمين .

{ رَوَاكِدَ } أي سواكن ثوابت وقوفا يقال ركد الماء ركودا سكن وكذلك ركدت الريح وركدت السفينة وكل ثابت في مكان فهو راكد وركد الميزان استوى ، وركد القوم هدأوا والمراكد المواضع التي يركد فيها الإنسان وغيره { عَلَى ظَهْرِهِ } أي ظهر البحر لا تجري ، قال ابن عباس : يتحركن ولا يجرين في البحر { إِنَّ فِي ذَلِكَ } الذي ذكر من أمر السفينة { لَآَيَاتٍ } دلالات عظيمة { لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ } أي لكل من كان كثير الصبر على البلوى كثير الشكر على النعماء ، قيل الإيمان نصفان نصف صبر عن المعاصي ونصف شكر وهو الإتيان بالواجبات ، وقال قطرب : الصبار الشكور الذي إذا أعطى شكر ، وإذا ابتلي صبر ، قال عون ابن عبد الله فكم من منعم عليه غير شاكر وكم من مبتلي غير صابر .