معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥٓ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ} (50)

قوله تعالى : { وأنه أهلك عاداً الأولى } قرأ أهل المدينة والبصرة بلام مشددة بعد الدال ، ويهمز واوه قالون عن نافع ، والعرب تفعل ذلك فتقول : قم لان عنا ، تريد : قم الآن ، ويكون الوقف عندهم عاداً ، والابتداء ألولى ، بهمزة واحدة مفتوحة بعدها لام مضمونة ، ويجوز الابتداء : لولى بحذف الهمزة المفتوحة . وقرأ الآخرون : عاداً الأولى ، وهم قوم هود أهلكوا بريح صرصر ، فكان لهم عقب ، فكانوا عاداً الأخرى .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥٓ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ} (50)

{ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى } وهم قوم هود عليه السلام ، حين كذبوا هودا ، فأهلكهم الله بريح صرصر عاتية

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥٓ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ} (50)

وبعد هذه الجولة فى الأنفس والآفاق ، ساقت السورة جانبا من مصارع الغابرين ، فقال - تعالى - : { وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَاداً الأولى وَثَمُودَ فَمَآ أبقى وَقَوْمَ نُوحٍ مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُواْ هُمْ أَظْلَمَ وأطغى والمؤتفكة أهوى } . . أى : وأنه - تعالى - هو الذى أهلك بقدرته قبيلة عاد الأولى ، وهم قوم هود - عليه السلام - .

وسميت قبيلة عاد بالأولى ، لتقدمها فى الزمان على قبيلة عاد الثانية ، التى هى قوم صالح - عليه السلام - ، وتسمى - أيضا - بثمود .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥٓ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ} (50)

وبهذا تنتهي تلك الجولة المديدة في الأنفس والآفاق ، لتبدأ بعدها جولة في مصارع الغابرين ، بعدما جاءتهم النذر فكذبوا بها كما يكذب المشركون . وهي جولة مع قدرة الله ومشيئته وآثارها في الأمم قبلهم واحدة واحدة .

( وأنه أهلك عادا الأولى . وثمود فما أبقى . وقوم نوح من قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى . والمؤتفكة أهوى . فغشاها ما غشى . فبأي آلاء ربك تتمارى ? )

إنها جولة سريعة . تتألف من وقفة قصيرة على مصرع كل أمة ، ولمسة عنيفة تخز الشعور وخزا .

وعاد وثمود وقوم نوح يعرفهم قارئ القرآن في مواضع شتى ! والمؤتفكة هي أمة لوط . من الإفك والبهتان والضلال . . وقد أهواها في الهاوية وخسف بها

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥٓ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ} (50)

{ وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأولَى } وهم : قوم هود . ويقال لهم : عاد بن إرم بن سام بن نوح ، كما قال تعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ . إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ . الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ } [ الفجر : 6 - 8 ] ، فكانوا من أشد الناس وأقواهم وأعتاهم على الله وعلى رسوله ، فأهلكهم الله { بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ . سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا } [ الحاقة : 6 ، 7 ] .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥٓ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ} (50)

وقوله : وأنّهُ أهْلَكَ عادا الأُولى يعني تعالى ذكره بعاد الأولى : عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح ، وهم الذين أهلكهم الله بريح صرصر عاتية ، وإياهم عنى بقوله : ألَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبّكَ بعادٍ إرَمَ .

واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قرّاء المدينة وبعض قرّاء البصرة «عادا لُولى » بترك الهمز وجزم النون حتى صارت اللام في الأولى ، كأنها لام مثقلة ، والعرب تفعل ذلك في مثل هذا ، حُكي عنها سماعا منهم : «قم لان عنا » ، يريد : قم الاَن ، جزموا الميم لما حرّكت اللام التي مع الألف في الاَن ، وكذلك تقول : صم اثنين ، يريدون : صُمْ الاثنين . وأما عامة قرّاء الكوفة وبعض المكيين ، فإنهم قرأوا ذلك بإظهار النون وكسرها ، وهمز الأولى على اختلاف في ذلك عن الأعمش ، فروى أصحابه عنه غير القاسم بن معن موافقة أهل بلده في ذلك . وأما القاسم بن معن فحكي عنه عن الأعمش أنه وافق في قراءته ذلك قراءة المدنيين .

والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما ذكرنا من قراءة الكوفيين ، لأن ذلك هو الفصيح من كلام العرب ، وأن قراءة من كان من أهل السليقة فعلى البيان والتفخيم ، وأن الإدغام في مثل هذا الحرف وترك البيان إنما يوسع فيه لمن كان ذلك سجيته وطبعه من أهل البوادي . فأما المولدون فإن حكمهم أن يتحرّوا أفصح القراءات وأعذبها وأثبتها ، وإن كانت الأخرى جائزة غير مردودة .

وإنما قيل لعاد بن إرم : عاد الأولى ، لأن بني لُقَيم بن هَزّال بن هُزَيل بن عَبِيل بن ضِدّ بن عاد الأكبر ، كانوا أيام أرسل الله على عاد الأكبر عذابه سكانا بمكة مع إخوانهم من العمالقة ، ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح ، ولم يكونوا مع قومهم من عاد بأرضهم ، فلم يصبهم من العذاب ما أصاب قومهم ، وهم عاد الاَخرة ، ثم هلكوا بعد .

وكان هلاك عاد الاَخرة ببغي بعضهم على بعض ، فتفانوا بالقتل فيما :

حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا سلمة عن ابن إسحاق ، فيما ذكرنا قيل لعاد الأكبر الذي أهلك الله ذرّيته بالريح : عاد الأولى ، لأنها أُهلكت قبل عاد الاَخرة . وكان ابن زيد يقول : إنما قيل لعاد الأولى لأنها أوّل الأمم هلاكا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال قال ابن زيد ، في قوله : أَهْلَكَ عادا الأُولى قال : يقال : هي من أوّل الأمم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥٓ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ} (50)

{ وأنه أهلك عادا الأولى } القدماء لأنهم أولى الأمم هلاكا بعد قوم نوح عليه الصلاة والسلام . وقيل { عادا الأولى } قوم هود وعاد الأخرى إرم . وقرئ " عادا لولي " بحذف الهمزة ونقل ضمها إلى لام التعريف وقرأ نافع وأبو عمرو " عادا لولي " بضم اللام بحركة الهمزة وبإدغام التنوين ، وقالون بعد ضمة اللام بهمزة ساكنة في موضع الواو .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَأَنَّهُۥٓ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ} (50)

وعاد : هم قوم هود ، واختلف في معنى وصفها ب { الأولى } ، فقال ابن زيد والجمهور : ذلك لأنها في وجه الدهر وقديمه ، فهي أولى بالإضافة إلى الأمم المتأخرة ، وقال الطبري : سميت أولى ، لأن ثم عاداً أخيرة وهي قبيلة كانت بمكة مع العماليق وهم بنو لقيم بن هزال .

قال القاضي أبو محمد : والقول الأول أبين ، لأن هذا الأخير لم يصح . وقال المبرد عاداً الأخيرة هي ثمود ، والدليل قول زهير : [ الطويل ]

*** . كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم{[10734]}

ذكره الزهراوي ، وقيل الأخيرة : الجبارون .

وقرأ ابن كثير وعاصم ، وابن عامر وحمزة ، والكسائي «عاد الأولى » منونة وبهمز . وقرأ نافع فيما روي عنه : «عادا الأولى » بإزالة التنوين والهمز . وهذا كقراءة من قرأ «أحد الله »{[10735]} وكقول الشاعر [ أبو الأسود الدؤلي ] : [ المتقارب ]

****** . ولا ذاكر الله إلا قليلا{[10736]}

وقرأ قوم : { عاداً الأولى } والنطق بها «عادن الأولى » . واجتمع سكون نون التنوين وسكون لام التعريف فكسرت النون للالتقاء ، ولا فرق بينهما وبين قراءة الجمهور ولا ترك الهمز . وقرأ نافع أيضاً وأبو عمرو بالوصل والإدغام «عاد الولى » بإدغام النون في اللام ونقل حركة الهمزة إلى اللام . وعاب أبو عثمان المازني والمبرد هذه القراءة ، وقال : إن هذا النقل لا يخرج اللام عن حد السكون وحذف ألف الوصل أن تبقى كما تقول العرب إذا نقلت الهمزة من قولهم الأحمر فإنهم يقولون الحمر جاء فكذلك يقال هاهنا «عاداً الولى » ، قال أبو علي : والقراءة سائغة ، وأيضاً فمن العرب من يقول : لحمر جاء فيحذف الألف مع النقل ويعتد بحركة اللام ولا يراها في حكم السكون ، وقرأ نافع فيما روي عنه «عاداً الأولى » بهمز الواو ، ووجه ذلك أنه لما لم يكن بين الواو والضمة حائل تخيل الضمة عليها فهمزها كما تهمز الواو المضمومة ، وكذلك فعل من قرأ : «على سؤقه »{[10737]} ، وكما قال الشاعر [ جرير ] : [ الوافر ]

لحَبّ المؤقدان إلي مؤسى***{[10738]} وهي لغة


[10734]:هذا عجز بيت من المعلقة، وهو واحد من الأبيات التي يصف فيها الحرب وينفر منها، والبيت بتمامه مع بيت قبله: فتعرككم عرك الرحى بِثفالها وتلقح كِشافا ثم تنتج فتُتئم فتنتج لكم غِلمان أشأم كلهم كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم يقول: إن الحرب تعرككم كما تعرك الرحى الحَبّ مع الثفاله وهو الخِرقة التي توضع تحت الرحى ليقع عليها الطحين، والحرب تلقح في السنة مرتين وتلد توأمين، والشؤم: ضد اليُمن، ورجل مشئوم كما يقال رجل ميمون، والأشأم: أفعل من الشؤم وهو مبالغة، وأراد بأحمر عاد أحمر ثمود وهو قدار بن سالف الذي عقر الناقة، يقول: فتلد لكم أبناء في أثناء تلك الحروب كل واحد منهم أشأم كعاقر الناقة، ثم ترضعهم الحرب وتفطمهم، أي تكون ولادتهم ونشأتهم في أثناء الحرب فيصبحون مشائيم على آبائهم، والشاهد هو أنه أراد بأحمر عاد أحمر ثمود، فعاد تطلق على ثمود، وهي عاد الأخيرة.
[10735]:من قوله تعالى في الآيتين الأولى والثانية من سورة (الصمد):{قل هو الله أحد، الله الصمد}، فقد قرئت:[أحد] بدون تنوين.
[10736]:هذا عجز بيت لأبي الأسود الدؤلي-ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي- والبيت بتمامه: فألفيته غير مُستعتب ولا ذاكر الله إلا قليلا وهو في الكتاب، وخزانة الأدب، وابن الشجري، والأغاني، والمغني، واللسان، ويروى أن أبا الأسود أغوته امرأة بجمالها، وزعمت أنها صناع الكف حسنة التدبير، وعرضت عليه الزواج فتزوجها، ولكنه وجدها قد أسرفت في ماله، ومذت يدها إلى خيانته، فهجاها بأبيات منها هذا البيت، وغير مُستعتب: أي غير راجع بالعتاب عن قبيح فعله، وهو يعني هذه المرأة، والشاهد في البيت حذف التنوين من "ذاكر" لالتقاء الساكنين ونصب ما بعده وإن كان الوجه الإضافة.
[10737]:من قوله تعالى في الآية(29) من سورة (الفتح):{فاستوى على سوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار}.
[10738]:هذا صدر بيت قاله جرير من قصيدة له يمدح هشام بن عبد الملك، ويروى: لحبَّ الواقدان، وأحب الموقدين، وأنشده الزمخشري في كشافه كما هنا، والبيت بتمامه: لحب المؤقدان إليك مؤسى وجعدة إذ أضاءهما الوقود وحَبَّ: فعل ماض أصله حبُبَ، مثل كرُم، ومعناه: صار محبوبا، فأدغمت الباء الأولى في الثانية إما للقلب، وإما لنقلها إلى الحاء قبلها، فلِذا روي "لَحَبَّ-بفتح الحاء وضمها- واللام في "لَحَبَّ" لام جواب قسم محذوف، والمُؤقدان هما موسى وجعدة، فإنهما يوقدان نار القرى للضيوف، كناية عن الكرم، والوُقود-بضم الواو-مصدر بمعنى الإيقاد، وبالفتح ما يوقد به من حطب ونحوه، والمعنى: لما أضاء إيقاد النار موسى وجعدة ورأيتهما ذوي ضياء وبهجة صارا محبوبين، والشاهد هو قلب الواو همزة في "المؤقدان"، وفي "مؤسى" إجراء لضمة ما قبلها مجرى ضمتها هي، وهذا هو مذهب سيبويه، وقد سبق الاستشهاد بهذا البيت في أكثر من مناسبة.