البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَأَنَّهُۥٓ أَهۡلَكَ عَادًا ٱلۡأُولَىٰ} (50)

ولما كان خلق الزوجين ، والإنشاء الآخر ، وإهلاك عاد ومن ذكر ، لا يمكن أن يدعي ذلك أحد ، لم يحتج إلى تأكيد ولا تنصيص أنه تعالى هو فاعل ذلك .

وعاد الأولى هم قوم هود ، وعاد الأخرى إرم .

وقيل : الأولى : القدماء لأنهم أول الأمم هلاكاً بعد قوم نوح عليه السلام .

وقيل : الأولى : المتقدّمون في الدنيا الأشراف ، قاله الزمخشري .

وقال ابن زيد والجمهور : لأنها في وجه الدهر وقديمه ، فهي أولى بالإضافة إلى الأمم المتأخرة .

وقال الطبري : وصفت بالأولى ، لأن عاداً الآخرة قبيلة كانت بمكة مع العماليق ، وهو بنو لقيم بن هزال .

وقال المبرد : عاد الأخيرة هي ثمود ، والدليل عليه قول زهير :

كأحمر عاد ثم ترضع فتفطم . . .

ذكره الزهراوي .

وقيل : عاد الأخيرة : الجبارون .

وقيل : قبل الأولى ، لأنهم كانوا من قبل ثمود .

وقيل : ثمود من قبل عاد .

وقيل : عاد الأولى : هو عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح ؛ وعاد الثانية : من ولد عاد الأولى .

وقرأ الجمهور : { عاداً الأولى } ، بتنوين عاداً وكسره لالتقائه ساكناً مع سكون لام الأولى وتحقيق الهمزة بعد اللام .

وقرأ قوم كذلك ، غير أنهم نقلوا حركة الهمزة إلى اللام وحذفوا الهمزة .

وقرأ نافع وأبو عمرو : بإدغام التنوين في اللام المنقول إليها حركة الهمزة المحذوفة ، وعاد هذه القراءة للمازني والمبرد .

وقالت العرب في الابتداء بعد النقل : الحمر ولحمر ، فهذه القراءة جاءت على الحمر ، فلا عيب فيها ، وهمز قالون عين الأولى بدل الواو الساكنة .

ولما لم يكن بين الضمة والواو حائل ، تخيل أن الضمة على الواو فهمزها ، كما قال :

أحب المؤقدين إليّ مؤسى . . .

وكما قرأ بعضهم : على سؤقه ، وهو توجيه شذوذ ، وفي حرف أبي عاد غير مصروف جعله اسم قبيلة ، فمنعه الصرف للتأنيث والعملية ، والدليل على التأنيث وصفه بالأولى .