معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

{ وهديناه النجدين } قال أكثر المفسرين : طريق الخير والشر ، والحق والباطل ، والهدى والضلالة ، كقوله : { إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً }( الدهر-3 ) وقال محمد بن كعب عن ابن عباس : { وهديناه النجدين } قال : الثديين ، وهو قول سعيد بن المسيب والضحاك ، والنجد : طريق في ارتفاع .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

ثم قال في نعم الدين :

{ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْن } أي : طريقي الخير والشر ، بينا له الهدى من الضلال ، والرشد من الغي .

فهذه المنن الجزيلة ، تقتضي من العبد أن يقوم بحقوق الله ، ويشكر الله على نعمه ، وأن لا يستعين بها على معاصيه{[1431]} ، ولكن هذا الإنسان لم يفعل ذلك .


[1431]:- في ب: على معاصي الله.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

وقوله - تعالى - : { وَهَدَيْنَاهُ النجدين } بيان لنعمة أخرى هى أجل النعم وأعظمها

والنجد : الأرض المرتفعة ، وجمعه نجود ، ومنه سميت بلاد نجد بهذا الاسم ، لأنها مرتفعة عن غيرها . . والمراد بالنجدين هنا : طريق الخير . وطريق الشر ، أى : وهدينا هذا الإِنسان وأرشدناه إلى طريق الخير والشر ، عن طريق رسلنا الكرام ، وعن طريق ما منحناه من عقل ، يميز به بين الحق والباطل ، ثم وهبناه الاختيار لأحدهما ، كما قال - تعالى - : { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السبيل إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } قال بعض العلماء : وكأنهما إنما سميا نجدين - أى : سبيل الخير والشر : لأنهما لما وضحت الدلائل ، وقربت الحجج ، وظهرت البراهين ، جعلا كالطريق المرتفعة العالية ، فى أنها واضحة لذوى الأبصار .

أو إنما سميا بذلك ، للإِشارة إلى أن كل منهما وعورة يشق معها السلوك ، ولا يصبر عليها إلا من جاهد نفسه وراضها ، وليس سلوك طريق الشر بأهون من سلوك الخير ، بل الغالب أن يكون طريق الشر ، أشق وأصعب ، وأحوج إلى الجهد . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

ثم أودع نفسه خصائص القدرة على إدراك الخير والشر ، والهدى والضلال ، والحق والباطل : ( وهديناه النجدين )

. . ليختار أيهما شاء ، ففي طبيعته هذا الاستعداد المزدوج لسلوك أي النجدين . والنجد الطريق المرتفع . وقد اقتضت مشيئة الله أن تمنحه القدرة على سلوك أيهما شاء ، وأن تخلقه بهذا الازدواج طبقا لحكمة الله في الخلق ، وإعطاء كل شيء خلقه ، وتيسيره لوظيفته في هذا الوجود .

وهذه الآية تكشف عن حقيقة الطبيعة الإنسانية ؛ كما أنها تمثل قاعدة " النظرية النفسية الإسلامية " هي والآيات الأخرى في سورة الشمس : ( ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها . قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها )[ وسنرجئ عرضها بشيء من التفصيل إلى الموضع الآخر في سورة الشمس لأنه أوسع مجالا ] .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

{ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } قال سفيان الثوري ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن عبد الله - هو ابن مسعود - : { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } قال : الخير والشر . وكذا رُوي عن علي ، وابن عباس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبي وائل ، وأبي صالح ، ومحمد بن كعب ، والضحاك ، وعطاء الخراساني في آخرين .

وقال عبد الله بن وهب : أخبرني بن لَهِيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سِنان بن سعد ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هما نجدان ، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير " {[30086]} .

تفرد به سنان بن سعد - ويقال : سعد بن سنان - وقد وثقه ابن معين . وقال الإمام أحمد والنسائي والجوزجاني : منكر الحديث . وقال أحمد : تركت حديثه لاضطرابه . وروى خمسة عشر حديثا منكرة كلها ، ما أعرف منها حديثا واحدا . يشبه حديثه حديثَ الحسن - يعني البصري - لا يشبه حديثَ أنس .

وقال ابن جرير : حدثني يعقوب ، حدثنا ابن عُلَيَّة ، عن أبي رجاء قال : سمعت الحسن يقول : { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : " يا أيها الناس ، إنهما النجدان ، نجد الخير ونجد الشر ، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير " {[30087]} .

وكذا رواه حبيب بن الشهيد ، ويونس بن عبيد ، وأبو وهب ، عن الحسن مرسلا . وهكذا أرسله قتادة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن عصام الأنصاري ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا عيسى ابن عقال{[30088]} عن أبيه ، عن ابن عباس في قوله : { وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ } قال : الثديين .

وروي عن الربيع بن خُثَيم{[30089]} وقتادة وأبي{[30090]} حازم ، مثل ذلك . ورواه ابن جرير عن أبي كُرَيْب ، عن وَكِيع ، عن عيسى بن عقَال ، به . ثم قال : والصواب القول الأول .

ونظير هذه الآية قوله : { إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا } [ سورة الإنسان : 2 ، 3 ] .


[30086]:- (5) ورواه ابن عدي في الكامل (3/356) من طريق ابن وهب.
[30087]:- (1) تفسير الطبري (30/128).
[30088]:- (2) في أ: "عفان".
[30089]:- (3) في أ: "خيثم".
[30090]:- (4) في م: "وابن".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

وقوله : وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ يقول تعالى ذكره : وهديناه الطريقين ، ونجد : طريق في ارتفاع .

واختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : عُنِي بذلك : نَجْد الخير ، ونَجْد الشرّ ، كما قال : إنّا هَدَيْناهُ السّبِيلَ إمّا شاكِرا وإمّا كَفُورا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن عبد الله وهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ قال : الخير والشرّ .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن زرّ ، عن عبد الله ، مثله .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن منذر ، عن أبيه ، عن الربيع بن خثيم ، قال : ليسا بالثديين .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، قال : حدثنا عمران جميعا ، عن عاصم ، عن زِرّ ، عن عبد الله وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ قال : نجد الخير ، ونجد الشرّ .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا هشام بن عبد الملك ، قال : حدثنا شعبة ، قال : أخبرني عاصم ، قال : سمعت أبا وائل يقول : كان عبد الله يقول في : وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ قال : نجد الخير ، ونجد الشرّ .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ يقول : الهدى والضلالة .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ يقول : سبيل الخير والشرّ .

حدثنا هناد بن السريّ ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن عكرمة ، في قوله : وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ قال : الخير والشرّ .

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عبد الله بن الربيع بن خثيم ، عن أبي بُردة ، قال : مرّ بنا الربيع بن خثيم ، فسألناه عن هذه الاَية : وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ فقال : أما إنهما ليسا بالثديين .

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال : الخير والشرّ .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ قال : سبيل الخير والشرّ .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْن نجد الخير ، ونجد الشرّ .

حدثنا عمران بن موسى ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا يونس ، عن الحسن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هُمَا نَجْدَانِ : نَجْدُ خَيْرٍ ، وَنجْدُ شَرَ ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشّرّ أحَبّ إلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الخَيْرِ » ؟ .

حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا عطية أبو وهب ، قال : سمعت الحسن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ألا إنّمَا هُمَا نَجْدَانِ : نَجْدُ الخَيْرِ ، وَنَجْدُ الشّرَ ، فَمَا يَجْعَلُ نَجْدَ الشّرّ أحَبّ إلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الخَيْرِ » ؟ .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الملك ، قال : حدثنا شعبة ، عن حبيب ، عن الحسن ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، نحوه .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن يقول وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ قال : ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : «يا أيّها النّاسُ إنّمَا هُمَا النّجْدَانِ : نَجْدُ الخَيْرِ ، وَنَجْدُ الشّرّ ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشّرّ أحَبّ إلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الخَيْرِ » .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ : ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول : «أيّها النّاسُ إنّمَا هُمَا النّجْدَانِ ، نَجْدُ الخَيْرِ ، وَنَجْدُ الشّرّ ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشّرّ أحَبّ إلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الخَيْرِ » ؟ .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن الحسن ، في قوله : وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ قال : قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «إنّمَا هُمَا نَجْدَانِ ، فَمَا جَعَلَ نَجْدَ الشّرّ أحَبّ إلَيْكُمْ مِنْ نَجْدِ الخَيْرِ » ؟ .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قول الله : وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ قاطع طريق الخير والشرّ . وقرأ قول الله : إنّا هَدَيْناهُ السّبِيلَ .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : وهديناه الثّديين : سبيلي اللبن الذي يتغذّى به ، وينبت عليه لحمه وجسمه . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، قال : حدثنا عيسى بن عقال ، عن أبيه ، عن ابن عباس وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْنِ قال : هما الثديان .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن المبارك بن مجاهد ، عن جُويبر ، عن الضحاك ، قال : الثديان .

وأولى القولين بالصواب في ذلك عندنا : قول من قال : عُنِي بذلك طريق الخير والشرّ ، وذلك أنه لا قول في ذلك نعلمه غير القولين اللذين ذكرنا والثديان ، وإن كانا سبيلي اللبن ، فإن الله تعالى ذكْره إذ عدّد على العبد نِعَمه بقوله : إنّا خَلَقْنا الإنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أمْشاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْناهُ سَمِيعا بَصِيرا إنّا هَدَيْناهُ السّبِيلَ إنما عدّد عليه هدايته إياه إلى سبيل الخير من نِعمه ، فكذلك قوله : وَهَدَيْناهُ النّجْدَيْن .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

وهديناه النجدين طريقي الخير والشر أو الثديين وأصله المكان المرتفع .