فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

{ وهديناه } بينا له وأرشدناه .

{ النجدين } الطريقين : طريق الخير وطريق الشر .

{ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ( 5 ) يقول أهلكت مالا لبدا ( 6 ) أيحسب أن لم يره أحد ( 7 ) ألم نجعل له عينين ( 8 ) ولسانا وشفتين ( 9 ) وهديناه النجدين ( 10 ) .

أيظن ابن آدم أنه لن يغلبه الله ، ولن يدركه ؟ ! ولن يقدر على بعثه ومجازاته أو على تغيير أحواله وأطواره كما وصف الله تعالى المستكبرين المختالين ، وأن الفخور منهم مغرور : { الذي جمع مالا وعدد . يحسب أن ماله أخلده }{[10873]} وذاك المفتون الذي ابتلى فبطر { ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا . وما أظن الساعة قائمة }{[10874]} ، { يقول أهلكت مالا لبدا . أيحسب أن لم يره أحد } يتباهى ويتكاثر بما أنفق من مال كثير بعضه فوق بعض ، أيظن أن الله لم يره ، ولا يسأله عن ماله من أين كسبه وفي أي شيء أنفقه . { ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين . وهديناه النجدين } إن الذي وهبك الإبصار وأعطاك اللسان الناطق ، وغطى فمك بالشفتين ، ومنحك الفؤاد المدرك للخير والشر هو القاهر فوق عباده ، وإن أخذ سمعكم أو أبصاركم أو ختم على قلوبكم أو سلبكم ما أعطاكم لا يرد مرده أحد فما الحجة في الكفر بالله مع تظاهر نعمه وما العلة في التعزز على الله وأوليائه بالمال وإنفاقه ، وهو المعطي والممكن من الانتفاع ؟ ! وفيما يقارب معنى { وهديناه النجدين } قول المولى عز وجل : { إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا }{[10875]} .


[10873]:- سورة الهمزة. الآيتان 2، 3.
[10874]:- سورة الكهف. الآية 35 ومن الآية 36.
[10875]:- سورة الإنسان. الآية 3.