{ وهديناه النجدين } النجد الطريق في ارتفاع ، قال المفسرين : بينا له طريق الخير وطريق الشر ، قال الزجاج المعنى ألم نعرفه طريق الخير وطريق الشر مبينتين كتبيين الطريقين العاليتين .
وقال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن المسيب والضحاك : النجدان الثديان لأنهما كالطريقين لحياة الولد ورزقه ، والأول الأولى . وأصل النجد المكان المرتفع وجمعه نجود ، ومنه سميت نجد لارتفاعها عن انخفاض تهامة فالنجدان الطريقان العاليان .
قال ابن مسعود في الآية : سبيل الخير والشر ، وقال ابن عباس : الهدى والضلالة ، وعنه نحو قول ابن مسعود ، وعن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " هما نجدان فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير " أخرجه ابن أبي حاتم تفرد به سنان بن سعد ، ويقال سعد بن سنان وقد وثقه يحيى بن معين ، وقال الإمام أحمد والنسائي والجوزجاني منكر الحديث ، وقال أحمد تركت حديثه لاضطرابه قد روى خمسة عشر حديثا منكرة كلها ما أعرف منها حديثا واحدا ، يشبه حديثه حديث البصري لا يشبه حديث أنس .
وروي نحوه عن الحسن وقتادة مرسلا ، ويشهد له ما أخرجه الطبراني عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا أيها الناس أنهما نجدان نجد خير ونجد شر ، فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير " .
ويشهد له أيضا ما أخرجه ابن مردويه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إنما هما نجد الخير ونجد الشر ، فلا يكن نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير " .
قال الشهاب لا يخفى أنه ذكره في سياق الامتنان والمراد الامتنان عليه بأن هداه وبين له الطريق فسلكها تارة وعدل عنها أخرى ، فلا امتنان عليه بالشر ولذا جعله الإمام بمعنى قوله تعالى : { إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا } ووصف مكان الخير بالرفعة والنجدية ظاهر بخلاف الشر فإنه هبوط من ذروة الفطرة إلى حضيض الشقوة فهو على سبيل التغليب أو على توهم المخيلة أن فيه صعودا فتدبر انتهى .
قلت الامتنان بالهداية إلى سبيل الشر يصح بمعنى أن الله عرف الإنسان طريق الشر ليجتنبه وطريق الخير ليسلكه ، ولو لم يعرف سبيل الشر لما اجتنبه ، والأشياء تعرف بأضدادها ، فالامتنان بهدايته إليه ثابت عقلا . والمعنى بينا ووضحنا له أن سلوك الأول ينجي وأن سلوك الثاني يردي . وأن سلوك الأول ممدوح وأن سلوك الثاني مذموم ، فالذي ذكره الشهاب تدفعه الأحاديث المرفوعة المتقدم ذكرها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.