اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَهَدَيۡنَٰهُ ٱلنَّجۡدَيۡنِ} (10)

قوله : { وَهَدَيْنَاهُ النجدين } ، يعني : الطريقتين : طريق الخير وطريق الشِّر .

روى قتادةُ قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يقول : «يا أيُّها النَّاس ، إنَّما هُمَا النَّجدانِ : نَجْدُ الخيرِ ، ونجدُ الشَّرِّ ، فلم تَجْعَلُ نَجْدَ الشر أحبَّ إليْكَ من نَجْدِ الخَيْرِ »{[60228]} .

فكأنه لما وهمت الدلائل ، جعلت كالطريق المرتفعة العالية ، لكونها واضحة للعقول ، كوضوح الطريق العالي للأبصار ، ونظيره قوله تعالى : { إِنَّا هَدَيْنَاهُ السبيل إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً } [ الإنسان : 3 ] ، بعد قوله : { فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً } [ الإنسان : 2 ] .

ورُوِيَ عن عكرمة ، قال : النجدانِ : الثَّديانِ ، وهو قول سعيد بن المسيب والضحاك .

ورُوِيَ عن ابن عبَّاسٍ وعلي - رضي الله عنهما - لأنهما كالطريقين لحياة الولد ، ورزقه{[60229]} .

فقوله : «النجدين » إما ظرف ، وإما على حذف الجار إن أريد بهما الثديان .

والنَّجدُ في الأصل : العنقُ ، لارتفاعه .

وقيل : الطريق العالي .

قال امرؤ القيس : [ الطويل ]

5213- فَريقَانِ : مِنْهُمْ جَازعٌ بَطْنَ نَخْلَةٍ *** وأخَرُ مِنْهُمْ قَاطِعٌ نَجْدَ كَبْكَبِ{[60230]}

ومنه سميت نجد ، لعلوها عن انخفاض تهامة .


[60228]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/591) عن قتادة والحسن. وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/595) عن الحسن وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن مردويه من طرق عنه.
[60229]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/592) عن ابن عباس والضحاك وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/595) عن ابن عباس وعزاه إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس وينظر تفسير الماوردي (6/277) والقرطبي (20/44).
[60230]:يروى الشطر الأول: *** غداة غدوا فسالك بطن نخلة *** ينظر الديوان ص 43، وإصلاح المنطق ص 56، ومجمع البيان 1/746 واللسان (نجد)، والقرطبي 20/44، والبحر 8/468، والدر المصون 6/525.