معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

قوله تعالى : { وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق } ، وذلك أن اليهود عيروهم ، وقالوا لهم : لم آمنتم ؟ فأجابوهم بهذا .

قوله تعالى : { ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين } ، أي : في أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، بيانه { أن الأرض يرثها عبادي الصالحون } [ الأنبياء : 105 ] .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

فكأنهم ليموا على إيمانهم ومسارعتهم فيه ، فقالوا : { وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ } أي : وما الذي يمنعنا من الإيمان بالله ، والحال أنه قد جاءنا الحق من ربنا ، الذي لا يقبل الشك والريب ، ونحن إذا آمنا واتبعنا الحق طمعنا أن يدخلنا الله الجنة مع القوم الصالحين ، فأي مانع يمنعنا ؟ أليس ذلك موجبا للمسارعة والانقياد للإيمان وعدم التخلف عنه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك عنهم ما علمه منهم من إصرارهم على الدخول في الدين الحق ، فقال . { وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بالله وَمَا جَآءَنَا مِنَ الحق وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ القوم الصالحين } .

فالآية الكريمة من تتمة قولهم .

والاستفهام هنا لإِنكار انتفاء الإِيمان منهم مع قيام موجباته ، وظهور أماراته ووضوح أدلته وشواهده .

والمعنى : وأي مانع يمنعنا من الإِيمان بالله الواحد الأحد الفرد الصمد ، وبما جاءنا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من قرآن يهدي إلى الرشد ومن توجيهات توصل إلى السعادة ونحن نطمع أن يدخلنا ربنا - بسبب إيماننا - مع القوم الذين صلحت أنفسهم بالعقيدة السليمة ، وبالعبادات الصحيحة وبالإخلاق الفاضلة وهم أتباع هذا النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم فأنت تراهم بعد أن استمعوا إلى القرآن تأثرت نفوسهم به تأثراً شديداص فاضت معه أعينهم بالدمع . ثم بعد ذلك التمسوا من الله - تعالى - أن يكتبهم مع الأمة الإِسلامية التي تشهد على غيرها يوم القيامة . ثم بعد ذلك استنكروا واستبعدوا أن يعوقهم معوق عن الإِيمان الصحيح مع قيام موجباته . وهذا كله يدل على صفاء نفوسهم وطهارة قلوبهم ومسارعتهم إلى قبول الحق عند ظهوره بدون تردد أو تقاعس :

وقولهم - كما حكى القرآن عنهم - { وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا } يدل على قوة إيمانهم ، ’ وصدق يقينهم ، لأنهم مع هذا الإِقبال الشديد على الدين الحق والمسارعة إلى العمل الصالح ، لم يجزموا بحسن عاقبتهم ، بل التمسوا من الله - تعالى - الطمع في مغفرته ، وفي أن يجعلهم مع القوم الصالحين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

وهكذا المؤمن الصادق يستصغر عمله بجانب فضل الله ونعمه ، ويقف من جزائه وثوابه - سبحانه - موقف الخوف والرجاء .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

82

ثم هم بعد ذلك يستنكرون على أنفسهم أن يعوقهم معوق عن الإيمان بالله ؛ أو أن يسمعوا هذا الحق ثم لايؤمنوا به ، ولا يأملوا - بهذا الإيمان - أن يقبلهم ربهم ، ويرفع مقامهم عنده ، فيدخلهم مع القوم الصالحين : ( وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ، ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين ؟ ) . .

فهو موقف صريح قاطع تجاه ما أنزل الله إلى رسوله من الحق . . موقف الاستماع والمعرفة ، ثم التأثر الغامر والإيمان الجاهر ، ثم الإسلام والانضمام إلى الأمة المسلمة ، مع دعاء الله - سبحانه - أن يجعلهم من الشاهدين لهذا الحق ؛ الذين يؤدون شهادتهم سلوكا وعملا وجهادا لإقراره في الأرض ، والتمكين له في حياة الناس ثم وضوح الطريق ففي تقديرهم وتوحده ؛ بحيث لا يعودون يرون أنه يجوز لهم أن يمضوا إلا في طريق واحد : هو طريق الإيمان بالله ، وبالحق الذي أنزله على رسوله ، والأمل - بعد ذلك - في القبول عنده والرضوان .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ الْحَقّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصّالِحِينَ } . .

وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في هذه الآيات ، أنهم إذا سمعوا ما أنزل إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من كتابه ، آمنوا به وصدّقوا كتاب الله ، وقالوا : ما لنا لا نؤمن بالله ؟ يقول : لا نقرّ بوحدانية الله وما جَاءَنا مِنَ الحَقّ ، يقول : وما جاءنا من عند الله من كتابه وآي تنزيله ، ونحن نطمع بإيماننا بذلك أنْ يُدْخِلَنا رَبّنا مَعَ القَوْمِ الصّالِحِينَ يعني بالقوم الصالحين : المؤمنين بالله المطيعين له ، الذين استحقوا من الله الجنة بطاعتهم إياه . وإنما معنى ذلك : ونحن نطمع أن يدخلنا ربنا مع أهل طاعته مداخلهم من جنته يوم القيامة ، ويلحق منازلنا بمنازلهم ودرجاتنا بدرجاتهم في جناته .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس بن عبد الأعلى ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد في قوله : " وَما لَنا لا نُؤْمِنُ باللّهِ وَما جاءَنا مِنَ الحَقّ وَنَطْمَعُ أنْ يُدْخِلَنا رَبّنا مَعَ القَوْمِ الصّالِحِينَ " قال : «القَوْم الصالحون » : رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

قولهم { وما لنا } توقيف لأنفسهم أو محاجة لمن عارضهم من الكفار بأن قال لهم آمنتم وعجلتم . فقالوا وأي شيء يصدنا عن الإيمان وقد لاح الصواب وجاء الحق المنير { وما لنا } ابتداء وخبر ، و { لا نؤمن } في موضع الحال ، ولكنها حال هي المقصد وفيها الفائدة : كما تقول جاء زيد راكباً وأنت قد سئلت هل جاء ماشياً أو راكباً . وفي مصحف ابن مسعود «وما لنا لا نؤمن بالله وما أنزل إلينا ربنا » . { ونطمع } تقديره ونحن نطمع . فالواو عاطفة جملة على الجملة لا عاطفة فعل على فعل و «القوم الصالحون » محمد وأصحابه ، قاله ابن زيد وغيره من المفسرين .