الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَمَا لَنَا لَا نُؤۡمِنُ بِٱللَّهِ وَمَا جَآءَنَا مِنَ ٱلۡحَقِّ وَنَطۡمَعُ أَن يُدۡخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (84)

{ وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بالله } إنكار استبعاد لانتفاء الإيمان مع قيام موجبه وهو الطمع في إنعام الله عليهم بصحبة الصالحين ، وقيل : لما رجعوا إلى قومهم لاموهم فأجابوهم بذلك . أو أرادوا : وما لنا لا نؤمن بالله وحده لأنهم كانوا مثلثين ، وذلك ليس بإيمان بالله : ومحل ( لا نؤمن ) النصب على الحال ، بمعنى : غير مؤمنين ، كقولك مالك قائماً . والواو في { وَنَطْمَعُ } واو الحال .

فإن قلت : ما العامل في الحال الأولى والثانية ؟ قلت : العامل في الأولى ما في اللام من معنى الفعل ، كأنه قيل : أي شيء حصل لنا غير مؤمنين ، وفي الثانية معنى هذا الفعل ، ولكن مقيداً بالحال الأولى ؛ لأنك لو أزلتها وقلت : وما لنا ونطمع ، لم يكن كلاماً . ويجوز أن يكون ( ونطمع ) حالاً من لا نؤمن ، على أنهم أنكروا على نفوسهم أنهم لا يوحدون الله ، ويطمعون مع ذلك أن يصحبوا الصالحين ، وأن يكون معطوفاً على لا نؤمن على معنى : وما لنا نجمع بين التثليث وبين الطمع في صحبة الصاحين ، أو على معنى : وما لنا لا نجمع بينهما بالدخول في الإسلام ، لأن الكافر ما ينبغي له أن يطمع في صحبة الصالحين .