معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

{ ورفعنا لك ذكرك } ، أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أنبأنا أبو القاسم عبد الخالق بن علي المؤذن ، حدثنا أبو بكر بن حبيب ، حدثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل ، حدثنا صفوان يعني ابن صالح عبد الملك ، حدثنا الوليد يعني ابن مسلم ، حدثني عبد الله بن لهيعة عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري " عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبريل عليه السلام عن هذه الآية { ورفعنا لك ذكرك } قال الله تعالى : إذا ذكرت ذكرت معي " . وعن الحسن قال : { ورفعنا لك ذكرك } إذا ذكرت ذكرت معي . وقال عطاء عن ابن عباس : يريد الأذان والإقامة والتشهد والخطبة على المنابر ، ولو أن عبداً عبد الله وصدقه في كل شيء ولم يشهد أن محمداً رسول الله لم ينتفع بشيء ، وكان كافراً . وقال قتادة : رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا ينادي : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله . وقال الضحاك : لا تقبل صلاة إلا به ولا تجوز خطبة إلا به . وقال مجاهد : يعني بالتأذين . وفيه يقول حسان بن ثابت :

ألم تر أن الله أرسل عبده*** ببرهانه ، والله أعلى وأمجد

أغر عليه للنبوة خاتم*** من الله مشهود يلوح ويشهد

وضم الإله اسم النبي مع اسمه*** إذ قال في الخمس أشهد

وشق له من اسمه ليجله*** فذو العرش محمود ، وهذا محمد

وقيل : رفع الله ذكره بأخذ ميثاقه على النبيين وإلزامهم الإيمان به والإقرار بفضله .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } أي : أعلينا قدرك ، وجعلنا لك الثناء الحسن العالي ، الذي لم يصل إليه أحد من الخلق ، فلا يذكر الله إلا ذكر معه رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما في الدخول في الإسلام ، وفي الأذان ، والإقامة ، والخطب ، وغير ذلك من الأمور التي أعلى الله بها ذكر رسوله محمد صلى الله عليه وسلم .

وله في قلوب أمته من المحبة والإجلال والتعظيم ما ليس لأحد غيره ، بعد الله تعالى ، فجزاه الله عن أمته أفضل ما جزى نبيًا عن أمته .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

وقوله - سبحانه - : { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } بيان لنعمة ثالثة من نعمه - تعالى - على نبيه صلى الله عليه وسلم . أى : لقد شرحنا لك - أيها الرسول الكريم - صدرك ، وأزلنا عن قلبك الحيرة التى كانت تعتريك قبل تبليغ الرسالة وبعد تبليغها ، بأن يسرنا لك كل صعب .

وفوق ذلك فقد رفعنا كل ذكرك ، بأن جعلناك رفيع الشأن ، سامى المنزلة ، عظيم القدر ، ومن مظاهر ذلك : أننا جعلنا اسمك مقرونا باسمنا فى النطق بالشهادتين .

وفى الأذان ، وفى الإِقامة ، وفى التشهد ، وفى غير ذلك من العبادات ، وأننا فضلناك على جميع رسلنا ، بل على جميع الخلق على الإِطلاق ، وأننا أعطيناك الشفاعة العظمى ، وجعلنا طاعتك من طاعتنا .

قال الآلوسى : أخرج أبو يعلى ، وابن جرير . . عن أبى سعيد الخدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أتانى جبريل فقال لى : أتدرى كيف رفعك ذكرك ؟ قلت : الله - تعالى- أعلم . قال : " إذا ذُكِرتُ ذُكِرتَ معي " " .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

( ورفعنا لك ذكرك ) . . رفعناه في الملأ الأعلى ، ورفعناه في الأرض ، ورفعناه في هذا الوجود جميعا . . رفعناه فجعلنا اسمك مقرونا باسم الله كلما تحركت به الشفاه :

" لا إله إلا الله . محمد رسول الله " . . وليس بعد هذا رفع ، وليس وراء هذا منزلة . وهو المقام الذي تفرد به [ صلى الله عليه وسلم ] دون سائر العالمين . .

ورفعنا لك ذكرك في اللوح المحفوظ ، حين قدر الله أن تمر القرون ، وتكر الأجيال ، وملايين الشفاه في كل مكان تهتف بهذا الأسم الكريم ، مع الصلاة والتسليم ، والحب العميق العظيم .

ورفعنا لك ذكرك . وقد ارتبط بهذا المنهج الإلهي الرفيع . وكان مجرد الاختيار لهذا الأمر رفعة ذكر لم ينلها أحد من قبل ولا من بعد في هذا الوجود . .

فأين تقع المشقة والتعب والضنى من هذا العطاء الذي يمسح على كل مشقة وكل عناء ?

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

وقوله : وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ يقول : ورفعنا لك ذكرك ، فلا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي ، وذلك قول : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُريب وعمرو بن مالك ، قالا : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ قال : لا أُذْكَرُ إلا ذُكِرْتَ معي : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «ابْدَؤُوا بالعُبُودَةِ ، وَثَنّوا بالرسالة » فقلت لمعمر ، قال : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ، فهو العبودة ، ورسوله أن تقول : عبده ورسوله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتاة وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ رفع الله ذكره في الدنيا والاَخرة ، فليس خطيب ، ولا متشهد ، ولا صاحب صلاة ، إلا ينادي بها : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا عمرو بن الحرث ، عن درّاج ، عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخُدْرِيّ ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : «أتانِي جِبْرِيلُ فَقالَ : إنّ رَبّي وَرَبّكَ يَقُولُ : كَيْفَ رَفَعْتُ لَكَ ذِكْرَكَ ؟ قال : اللّهُ أعْلَمُ ، قال : إذَا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ مَعِي » .