السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

{ ورفعنا } ، أي : بما لنا من القدرة التامّة { لك ذكرك } روى الضحاك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : يقول الله عز وجل : لا ذكرت إلا ذكرت معي في الأذان والإقامة والتشهد ، ويوم الجمعة على المنابر ، ويوم الفطر ، ويوم الأضحى ، ويوم عرفة ، وأيام التشريق ، وعند الجمار ، وعلى الصفا والمروة ، وفي خطبة النكاح ، ومشارق الأرض ومغاربها .

ولو أنّ رجلاً عبد الله تعالى ، وصدّق بالجنة والنار ، وكل شيء ولم يشهد أنّ محمداً رسول الله لم ينتفع بشيء ، وكان كافراً وقيل : أعلينا ذكرك فذكرناك في الكتب المنزلة على الأنبياء قبلك ، وأمرناهم بالبشارة بك ولا دين إلا ودينك يظهر عليه .

وقيل : رفعنا ذكرك عند الملائكة في السماء وفي الأرض عند المؤمنين ، ونرفع في الآخرة ذكرك بما نعطيك من المقام المحمود وكرائم الدرجات . وقال الضحاك : لا تقبل صلاة إلا به ، ولا تجوز خطبة إلا به . وقال مجاهد : يعني التأذين . وفيه يقول حسان بن ثابت :

أغرّ عليه للنبوّة خاتم *** من الله مشهور يلوح ويشهد

وضم الإله اسم النبيّ إلى اسمه *** إذا قال في الخمس المؤذن أشهد

وشق له من اسمه ليجله *** فذو العرش محمود وهذا محمد

وقيل : رفع ذكره بأخذ ميثاقه على النبيين وإلزامهم الإيمان به والإقرار بفضله . وقيل : عام في كل ما ذكر ، وهذا أولى وكم من موضع في القرآن يذكر فيه النبيّ صلى الله عليه وسلم من ذلك قوله تعالى : { والله ورسوله أحق أن يرضوه } [ التوبة : 62 ] . وقوله تعالى : { ومن يطيع الله ورسوله فقد فاز } [ الأحزاب : 71 ] . وقوله تعالى : { وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول } [ المائدة : 92 ] .