فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَرَفَعۡنَا لَكَ ذِكۡرَكَ} (4)

قال مجاهد : { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } يعني : بالتأذين . وقيل المعنى : ذكرناك في الكتب المنزلة على الأنبياء قبله وأمرناهم بالبشارة به . وقيل : رفعنا ذكرك عند الملائكة في السماء ، وعند المؤمنين في الأرض . والظاهر أن هذا الرفع لذكره الذي امتنّ الله به عليه يتناول جميع هذه الأمور ، فكل واحد منها من أسباب رفع الذكر ، وكذلك أمره بالصلاة والسلام عليه ، وإخباره صلى الله عليه وسلم عن الله عزّ وجلّ أن من صلّى عليه ، واحدة صلى الله عليه بها عشراً ، وأمر الله بطاعته كقوله : { أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول } [ النور : 54 ] وقوله : { وَمَا ءاتاكم الرسول فَخُذُوهُ وَمَا نهاكم عَنْهُ فانتهوا } [ الحشر : 7 ] ، وقوله : { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فاتبعوني يُحْبِبْكُمُ الله } [ آل عمران : 31 ] وغير ذلك . وبالجملة فقد ملأ ذكره الجليل السموات والأرضين ، وجعل الله له من لسان الصدق والذكر الحسن والثناء الصالح ما لم يجعله لأحد من عباده ، { ذَلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء والله ذُو الفضل العظيم } [ الحديد : 21 ] اللَّهم صلّ وسلم عليه وعلى آله عدد ما صلى عليه المصلون بكل لسان في كل زمان ، وما أحسن قول حسان :

أغرّ عليه للنبوّة خاتم *** من الله مشهور يلوح ويشهد

وضم الإله اسم النبيّ مع اسمه *** إذا قال في الخمس المؤذن أشهد

وشق له من اسمه ليجله *** فذو العرش محمود وهذا محمد

/خ8