معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

{ فاعترفوا بذنبهم فسحقاً } بعداً ، { لأصحاب السعير } ، قرأ أبو جعفر والكسائي { فسحقاً } بضم الحاء ، وقرأ الباقون بسكونها ، وهما لغتان مثل الرعب والرعب والسحت والسحت .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

قال تعالى عن هؤلاء الداخلين للنار ، المعترفين بظلمهم وعنادهم : { فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ } أي : بعدًا لهم وخسارة وشقاء .

فما أشقاهم وأرداهم ، حيث فاتهم ثواب الله ، وكانوا ملازمين للسعير ، التي تستعر في أبدانهم ، وتطلع على أفئدتهم !

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

والفاء الأولى في قوله - تعالى - : { فاعترفوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لأَصْحَابِ السعير } للإفصاح ، والثانية للسببية ، والسُّحقُ : البُعد ، يقال : سَحُق - ككَرم وعَلِم - سُحقا ، أي بَعُدَ بُعْداً ، وفلان أسحقه الله ، أي : أبعده عن رحمته ، وهو مصدر ناب عن فعله فى الدعاء ، ونصبه على أنه مفعول به لفعل مقدر ، أي : ألزمهم الله سحقا ، أو منصوب على المصدرية ، أي : فسحقهم الله سحقا .

أي : إذا كان الأمر كما أخبروا عن أنفسهم ، فقد أقروا واعترفوا بذنوبهم ، وأن الله - تعالى - ما ظلمهم ، وأن ندمهم لن ينفعهم في هذا اليوم . . بل هم جديرون بالدعاء عليهم بالطرد من رحمة الله - تعالى - وبخلودهم في نار السعير .

واللام في قوله { لأَصْحَابِ } للتبين ، كما في قولهم : سَقياً لك .

فالآية الكريمة توضح أن ما أصابهم من عذاب كان بسبب إقرارهم بكفرهم ، وإصرارهم عليه حتى الممات ، وفي الحديث الشريف : " لن يدخل أحد النار ، إلا وهو يعلم أن النار أولى به من الجنة " وفي حديث آخر : " لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم " .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

وقوله : فاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ يقول : فأقرّوا بذنبهم ووحّد الذنب ، وقد أضيف إلى الجمع ، لأن فيه معنى فعل ، فأدّى الواحد عن الجمع ، كما يقال : خرج عطاء الناس وأعطية الناس ، فَسُحْقا لأصحَاب السّعِيرِ ، يقول : فبُعدا لأهل النار . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله : فَسُحْقا لأصحَابٍ السّعِيرِ يقول : بُعدا .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن سعيد بن جبير ، فَسُحْقا لأصَحابِ السّعِيرِ ، قال : سُحقا : واد في جهنم .

والقرّاء على تخفيف الحاء من السّحْق ، وهو الصواب عندنا ، لأن الفصيح من كلام العرب ذلك ، ومن العرب من يحرّكها بالضمّ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

ثم أخبر تعالى محمداً أنهم اعترفوا بذنبهم في وقت لا ينفع فيه الاعتراف ، وقوله تعالى : { فسحقاً } نصب على جهة الدعاء عليهم وجاز ذلك فيه ، وهو من قبل الله تعالى من حيث هذا القول مستقراً فيهم أزلاً ، ووجوده لم يقع ولا يقع إلا في الآخرة ، فكأنه لذلك في حيز المتوقع الذي يدعى فيه ، كما تقول : سحقاً لزيد وبعداً ، والنصب في هذا كله بإضمار فعل ، وأما ما وقع وثبت ، فالوجه فيه الرفع كما قال تعالى : { ويل للمطففين }{[11213]} [ المطففين : 1 ] ، و { سلام عليكم }{[11214]} [ الأنعام : 54 ، الأعراف : 46 ، الرعد : 24 ، القصص : 55 ، الزمر : 73 ] ، وغير هذا من الأمثلة ، وقرأ الجمهور : «فسحْقاً » بسكون الحاء ، وقرأ الكسائي : «فسُحقاً » بضم الحاء وهما لغتان .


[11213]:الآية 1 من سورة المطففين.
[11214]:من الآية 46 من سورة الأعراف، والآية 4 من سورة الرعد، والآية 32 من سورة النحل، والآية 55 من سورة القصص، والآية 73 من سورة الزمر.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَٱعۡتَرَفُواْ بِذَنۢبِهِمۡ فَسُحۡقٗا لِّأَصۡحَٰبِ ٱلسَّعِيرِ} (11)

الفاء الأولى فصيحة ، والتقدير : إذ قالوا بذلك فقد تبين أنهم اعترفوا هنالك بذنبهم ، أي فهم محقوقون بما هم فيه من العذاب .

والسُحق : اسم مصدر معناه البعد ، وهو هنا نائب عن الإسحاق لأنه دعاء بالإِبعاد فهو مفعول مطلق نائب عن فعله ، أي أسحقهم الله إسحاقاً ، ويجوز أن يراد من هذا الدعاء التعجيب من حالهم كما يقال : قاتله الله ، وويل له ، في مقام التعجب .

والفاء الثانية للتسبب ، أي فهم جديرون بالدعاء عليهم بالإبعاد أو جديرون بالتعجيب من بُعدهم عن الحق ، أو عن رحمة الله تعالى . ويحتمل أيضاً أن يقال لهم يومَ الحساب عقبَ اعترافهم ، تنديماً يزيدهم ألماً في نفوسهم فوق ألم الحريق في جلودهم .

واللام الداخلة على ( سحقاً ) لام التقوية إن جعل ( سحقاً ) دعاء عليهم بالإِبعاد لأن المصدر فرع في العمل في الفعل ، ويجوز أن يكون اللام لام التبيين لآياته تعلق العامل بمعموله كقولهم : شكراً لك ، فكل من ( سحقاً ) واللام المتعلقة به مستعمل في معنييه .

و { لأصحاب السعير } يعمّ المخاطبين بالقرآن وغيرهم فكان هذا الدعاء بمنزلة التذييل لما فيه من العموم تبعاً للجمل التي قبله .

وقرأ الجمهور { فسحقاً } بسكون الحاء . وقرأه الكسائي وأبو جعفر بضم الحاء وهو لغة فيه وذلك لإتباع ضمة السين .