قوله تعالى : { يصهر به } أي : يذاب بالحميم ، { ما في بطونهم } يقال : صهرت الإلية والشحم بالنار إذا أذبتهما أصهرهما صهراً ، معناه يذاب بالحميم الذي يصب من فوق رؤوسهم حتى يسقط ما في بطونهم من الشحوم والأحشاء ، { والجلود } أي : يشوي حرها جلودهم فتتساقط .
أخبرنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله الخلال ، أنبأنا عبد الله بن المبارك ، عن سعيد بن زيد ، عن أبي السمح ، عن أبي جحيرة واسمه عبد الرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه ، وهو المصهر ، ثم يعاد كما كان " .
وقوله : { يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ والجلود } بيان للآثار التى تترتب على هذا العذاب .
والفعل " يصهر " مأخوذ من الصهر بمعنى الإذابة . يقال : صهر فلان الشحم يصهره إذا أذابه .
أى : فذلك الحميم الذى يصب من فوق رءوسهم من آثاره أنه يذاب به ما بطونهم من الشحوم والأحشاء . كما تذاب به جلودهم - أيضا - فقوله : { والجلود } عطف على { مَا } الموصولة فى قوله { مَا فِي بُطُونِهِمْ } أى : يذاب به الذى فى بطونهم وتذاب به أيضا جلودهم .
وقيل : إن لفظ الجلود مرفوع بفعل محذوف معطوف على " يصهر " .
والتقدير : يصهر به ما فى بطونهم من أحشاء وشحوم ، وتحرق به الجلود . قالوا : ذلك لأن الجلود لا تذاب وإنما تنقبض وتنكمش إذا أصليت بالنار .
وقوله : يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالجُلُودُ يقول : يذاب بالحميم الذي يصبّ من فوق رؤسهم ما في بطونهم من الشحوم ، وتشوى جلودهم منه فتتساقط . والصهر : هو الإذابة ، يقال منه : صهرت الألية بالنار : إذا أذبتها أصهرها صهرا ومنه قول الشاعر .
تَرْوِي لَقًى أُلِقيَ في صَفْصَفٍ *** تَصْهَرُهُ الشّمْسُ وَلا يَنْصَهِرْ
*** شَكّ السّفافِيدِ الشّوَاءَ المُصْطَهَرْ ***
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : يُصْهَرُ بِهِ قال : يُذاب إذابة .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، مثله .
قال ابن جُرَيج يُصْهَرُ بِهِ : قال : ما قطع لهم من العذاب .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قَتادة : يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ قال : يُذاب به ما في بطونهم .
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : فالّذينَ كَفَرُوا قُطّعَتْ لَهُمْ ثيابٌ منْ نارٍ . . . إلى قوله : يُصْهَرُ بهِ ما في بُطُونِهِمْ والجُلُودُ يقول : يسقون ما إذا دخل بطونهم أذابها والجلود مع البطون .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن جعفر وهارون بن عنترة ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال هارون : إذا عام أهل النار وقال جعفرٍ : إذا جاع أهل النار استغاثوا بشجرة الزقوم ، فيأكلون منها ، فاختلست جلود وجوههم ، فلو أن مارّا مرّ بهم يعرفهم يعرف جلود وجوههم فيها ، ثم يصبّ عليهم العطش ، فيستغيثوا ، فيُغاثوا بماء كالمُهل ، وهو الذي قد انتهى حرّه ، فإذا أدنوه من أفواههم انشوى من حرّه لحوم وجوههم التي قد سقطت عنها الجلود و يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهمْ يعني أمعاءهم ، وتساقط جلودهم ، ثم يضربون بمقامع من حديد ، فيسقط كل عضو على حاله ، يدعون بالويل والثبور .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.